الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( أعتق ) شخص ( أول ولد ) من أمته فولدت ولدين عتق الأول ( ولم يعتق الثاني ولو مات ) الأول حال خروجه فضمير مات عائد على الأول ولا يصح عوده للثاني ، فإن خرجا معا من بطنها عتقا معا كما إذا لم يعلم الأول منهما دفعا للترجيح بلا مرجح ( وإن ) ( أعتق جنينا ) [ ص: 376 ] في بطن أمته ( أو دبره ) ( فحر ) بمجرد الولادة في الأول ومدبر في الثاني إن لم يتأخر لأكثر الحمل بل ( وإن ) تأخر ( لأكثر ) أمد ( الحمل ) من وقت انقطاع إرسال الزوج عليها وسواء كانت ظاهرة الحمل أم لا ( إلا لزوج مرسل عليها ) وهي غير ظاهرة الحمل وقت العتق أو التدبير ( فلأقله ) أي فلا يعتق أو لا يكون مدبرا إلا ما وضعته لأقل أمد الحمل وهو ستة أشهر والصواب فلأقل أقله بأن وضعته في شهر أو شهرين أو ستة إلا ستة أيام ، فإن وضعته في ستة إلا خمسة أيام فأكثر فلا يكون حرا ولا مدبرا لاحتمال ، أو لا يكون حال قوله المذكور موجودا ، وإنما تكون بعد ولا يتحقق وجوده حال قوله المذكور إلا إذا أتت به لأقل من الستة وما في حكمها بأن أتت به لأقل من ستة أشهر بستة أيام فدون أو كانت ظاهرة الحمل

التالي السابق


( قوله : وإن أعتق شخص أول ولد إلخ ) حاصله أنه إذا قال لأمته : أول ولد تلدينه من غيري فهو حر فولدت من غيره أولادا مترتبين في بطن أو بطون ، فإن أول ولد منهم يكون حرا ولو نزل ميتا ولا يعتق الثاني ولو مات الأول حال نزوله من بطنها ( قوله : فولدت ولدين ) أي أحدهما بعد الآخر سواء كانا في بطنين أو بطن ( قوله : ولو مات الأول ) أي ولو نزل أول التوأمين ميتا ورد بلو قول ابن شهاب الزهري وهو من أشياخ مالك وخلافه خارج المذهب ، وإنما أشار لرده بلو ; لأنه مذكور في المدونة والقاعدة أنه لا يذكر في المدونة إلا ما له أصل في المذهب وقد قال ابن حبيب قد ارتضاه غير واحد من أشياخ المذهب ا هـ بن ( قوله : ولا يصح عوده للثاني ) أي وإن كان أقرب مذكور ; لأن المعنى يأبى ذلك إذ لا يتوهم عتق الثاني إذا نزل ميتا حتى يبالغ عليه ( قوله : عتقا معا ) أي لوصف كل منهما بالأولية ( قوله : كما إذا لم يعلم الأول ) أي كما إذا ترتبا ولم يعلم الأول ( قوله : وإن أعتق جنينا إلخ ) حاصله أن صور [ ص: 376 ] هذه المسألة ثمانية ; لأن تلك الأمة التي أعتق سيدها جنينها أو دبره إما أن يكون لها زوج مسترسل عليها أو لا ; وفي كل إما أن تكون ظاهرة الحمل حين العتق أو التدبير أو لا وفي كل إما أن تلد الأمة ذلك الولد لأقل أمد الحمل أو لأكثره ، فإن كانت ظاهرة الحمل فيلزمه العتق أو التدبير فيما تلده بمجرد الولادة مطلقا أي سواء كان لها زوج مرسل عليها أم لا ولدته لأقل الحمل أو لأكثره وكذا إذا كانت خفية الحمل وليس لها زوج مرسل عليها بأن مات أو كان غائبا ، فإنه يلزمه العتق أو التدبير فيما تلد بمجرد الولادة ولو لأقصى أمد الحمل ، وأما إن كانت خفية الحمل ولها زوج مرسل عليها فلا يلزم العتق أو التدبير إلا فيما تلده لأقل من أقل أمد الحمل وهذه الصورة هي التي استثناها المصنف والاستثناء في كلامه متصل ; لأن ما قبل إلا لا يقيد بظاهرة الحمل وما بعدها يجب أن يقيد بخفيته ( قوله : في بطن أمته ) أي التي ليست بفراشه بأن كانت متزوجة بأجنبي أو بعبده أو اشتراها حاملا من زنا أو زنت عنده ( قوله : ظاهرة الحمل أم لا ) لكن إن كانت ظاهرة الحمل حين العتق أو التدبير فلا فرق بين أن يكون لها زوج مرسل عليها أم لا ، وإن كانت خفية الحمل فتقيد بما إذا لم يكن لها زوج مرسل عليها كما علمت ( قوله : ولا يتحقق وجوده حال قوله المذكور إلخ ) من هذا يعلم أنه إذا مات شخص وولدت أمه بعد موته من غير أبيه ولدا فهو أخوه لأمه ، فإن وضعته لستة أشهر من موته أو أكثر أو أقل من الستة بخمسة أيام لم يرثه إن لم يكن الحمل به ظاهرا حين موته وإلا ورث كما لو وضعته لأقل من ستة أشهر بستة أيام لتحقق وجوده حال حياة أخيه في هاتين الحالتين دون الأولى




الخدمات العلمية