الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم شرع في بيان ما يطرأ على الإجارة فقال ( وفسخت ) الإجارة ( بتلف ما يستوفى منه ) ( لا ) بتلف ما يستوفى ( به ) المنفعة أشار بهذا إلى قولهم أن كل عين يستوفى منها المنفعة فبهلاكها تنفسخ الإجارة كموت الدابة المعينة وانهدام الدار المعينة وكل عين تستوفى بها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة [ ص: 30 ] على الأصح كموت الشخص المستأجر للعين المعينة ويقوم وارثه مقامه ، وأراد بالتلف التعذر أي تعذر استيفاء ما استؤجر عليه كأسر وسبي وسكون وجع ضرس وعفو قصاص واستثنى من قوله لا به صبيين ، وفرسين بقوله ( إلا صبي تعلم ) بالإضافة وجر صبي ; لأنه مستثنى من ضمير به الواقع بعد نفي فهو بدل منه ، ولو قال إلا متعلم كان أولى ليشمل البالغ من الاختصار ( ورضيع ) مات كل قبل تمام مدة الإجارة أو الشروع فيها ( وفرس نزو ) ماتت مثلا قبل النزو عليها ، وأما موت الذكر المعين فداخل في قوله ، وفسخت بتلف ما يستوفى منه .

( و ) فرس ( روض ) أي رياضة أي تعليمها حسن الجري فماتت أو عطبت فتنفسخ ، وله بحساب ما عمل وألحق بهذه الأربعة حصد زرع معين وحرث أرض بعينها ليس لربهما غيرهما وبناء حائط بدار فيحصل مانع من ذلك ، وليس لربه غيره فتنفسخ لتعذر الخلف وقيل لا بل يقال لربها ادفع جميع الأجرة أو ائت بغيرها ، وهو ظاهر المصنف لاقتصاره على الأربعة التي ذكرها

التالي السابق


( قوله : بتلف ما يستوفى منه ) ما موصولة أي بتلف الذي يستوفى منه والموصول عندهم من صيغ العموم فكأنه قال بتلف كل ما يستوفى منه لا نكرة بمعنى شيء ; لأن النكرة في سياق الإثبات لا عموم لها وقوله : بتلف ما يستوفى منه أي إذا كان معينا ، وأما إذا كان مضمونا في الذمة فلا تنفسخ بتلفه ( قوله : كموت الدابة المعينة ) أي ، وأما الدابة الغير المعينة فلا تنفسخ الإجارة بموتها ( قوله : وانهدام الدار المعينة ) لم يقيد ابن الحاجب الدار بكونها معينة قال في التوضيح ، ولم يذكر المصنف التعيين ; لأن الدار لا تكرى إلا معينة كما مر ( قوله : وكل عين تستوفى بها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة ) أي سواء كانت تلك العين معينة أم لا سواء كان التلف [ ص: 30 ] بسماوي أو بغيره بأن كان من قبل الحامل ( قوله : على الأصح ) أي ، وهو رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة ، ومقابله رواية أصبغ عن ابن القاسم فسخها بتلف ما يستوفى به كما تنفسخ بتلف ما يستوفى منه وقيل إن كان التلف من قبل الحامل فسخت ، وله من الكراء بقدر ما سار ، وإن كان التلف بسماوي لم تنفسخ ويأتيه المستأجر بمثله وهو قول مالك في سماع أصبغ وقيل إن كان من قبل الحامل فسخت ، ولا كراء له ، وإن كان بسماوي لم تنفسخ ويأتيه المستأجر بمثله كذا في البيان ( قوله : كموت الشخص المستأجر ) أي وكتلف المحمول ( قوله : ويقوم وارثه مقامه ) أي في استيفاء المنفعة الباقية بعد موت مورثه ( قوله : وأراد بالتلف ) أي المثبت والمنفي لا المثبت فقط بدليل تمثيله بسكون وجع الضرس ; لأن قلع الضرس مما يستوفى به لا منه ، وما قبله من السبي والأسر يصلح كل منهما أن يكون مثالا لتعذر ما يستوفى منه ، وما يستوفى به ; لأن المعنى كأسر وسبي لأجير استؤجر على كخياطة مثلا أو لمستأجر استأجر الدابة أو الدار مثلا .

وأما قوله : وعفو قصاص فالأولى إسقاطه لما سيأتي أنه ليس من تلف ما يستوفى به ، ولا منه ، وإنما هو مانع شرعي منع مما استؤجر عليه .

( قوله : ليشمل البالغ ) أي ; لأن الصبي لا مفهوم له ، وإنما خصه بالذكر ; لأنه هو الذي شأنه التعلم ( قوله : وفرس نزو ) أي استأجر صاحبها ذكرا ينزو عليها جمعة مثلا أو عشر مرات بدينار فماتت بعد مرة أو حملت من مرة فتنفسخ الإجارة ولرب الذكر من الأجرة بحساب ما عمل ، ومثل الفرس غيرها من الدواب فلو قال المصنف ودابة نزو لكان أشمل ( قوله : وأما موت الذكر المعين فداخل إلخ ) أي وحينئذ فلا اعتراض على المصنف بشمول الفرس للذكر والحاصل أن الإجارة تنفسخ بموت كل من الذكر والأنثى أما الذكر فلاستيفاء المنفعة منه ، وأما الأنثى فلأنها من المستثنى .

( قوله : وفرس روض ) أي فإذا استأجر رب الفرس شخصا يعلمها حسن السير فماتت قبل تعليمها فإن الإجارة تنفسخ ( قوله : فتنفسخ ، وله بحساب ما عمل ) أي في المسائل الأربع المستثناة عند سحنون وابن أبي زيد وقال ابن عرفة لا تنفسخ في المسائل الأربع ، وله جميع الأجرة ; لأن المانع ليس من جهته ( قوله : ليس لربهما غيرهما ) أي ، وإلا كان له الخلف أو يدفع الأجرة بتمامها ، ولا تنفسخ الإجارة ( قوله : فيحصل مانع من ذلك ) أي من جهة رب الزرع أو الأرض أو الحائط كأن تلف الزرع أو يبست الأرض ، وإنما قيدنا المانع بكونه من جهة المستأجرة لأجل أن تكون هذه المسائل من قبيل تلف ما يستوفى به إذ لو كان المانع من جهة المؤجر على الحصد أو الحرث أو البناء لكان ذلك من قبيل تلف ما يستوفى منه وليس الكلام فيه ( قوله : وهو ظاهر المصنف لاقتصاره إلخ ) كلام التوضيح يفيد ترجيح كل من القولين كما ذكره بن ثم ساق كلامه فانظره .




الخدمات العلمية