الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
والوجه الثاني: أن قوله: وأما الباري كما خالف العالم [ ص: 18 ] في الحقيقة وفي الزمان وليس حالا فيه ولا محلا له، ولا بينهما مشاركة في الإمكان والحدوث والحاجة".

فيقال له: قولك ليس بحال ولا محل سلب محض؛ والأمور السلبية لا تتباين بها الحقائق ولا تختلف ولا تتماثل؛ إلا أن تكون مستلزمة لأمور وجودية؛ لأن المتماثلين ما قام بأحدهما من الأمور الوجودية مثل ما قام بالآخر، والخلافين اختص أحدهما بأمور وجودية خالف بها الآخر؛ إذ عدم ما به التماثل، والاختلاف مستلزم لعدم التماثل والاختلاف، فعدم كونه حالا أو محلا لم يستلزم أمرا وجوديا تحصل به مخالفة، وقد علم أنه لا يستلزم الاختلاف في الحقيقة وفي الزمان؛ لأن المتماثلين في الحقيقة والزمان قد لا يكون أحدهما حالا في الآخر ولا محلا له كالجسمين المتماثلين.

[ ص: 19 ] وأيضا فهو قد ذكر أن هذا من المباينة الزائدة على المباينة بالحقيقة والزمان، والأمر كذلك، وإذا كان كذلك -وعدم كونه حالا أو محلا- هو عدم المحايثة والمباينة، فعدم المحايثة مع المباينة بالحقيقة والزمان إذا كان مستلزما لأمر وجودي لم يكن إلا المباينة بالجهة، وهذا يتقرر بوجهين:

أحدهما: أنه لم تبق مباينة وجودية بعد المباينة بالحقيقة والزمان إلا المباينة بالمكان كما تقدم.

والثاني: أن عدم المحايثة يستلزم المباينة؛ إذ لا يعقل إلا متحايثان، أو متباينان، كما تقدم قبل هذا.

التالي السابق


الخدمات العلمية