الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الثالث: أن الله قد قال في كتابه العزيز: ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأشرقت الأرض بنور ربها [الزمر: 68، 69]. فقد أخبر أن الأرض يوم القيامة تشرق بنوره.

وقال الإمام أحمد في الرد على الجهمية: "نقول: إن الله لم يزل متكلما إذا شاء [ولا نقول: إنه كان قد لا يتكلم حتى خلق كلاما]، ولا نقول: إنه قد كان لا يعلم حتى خلق [ ص: 489 ] لنفسه علما فعلم، ولا نقول: إنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه قدرة ولا نقول: إنه قد كان ولا نور له حتى خلق لنفسه نورا، ولا نقول: إنه [قد] كان ولا عظمة له حتى خلق لنفسه عظمة، فقالت الجهمية لنا لما وصفنا من الله هذه الصفات: إن زعمتم أن الله ونوره، والله وقدرته، والله وعظمته، فقد قلتم بقول النصارى حين زعمتم أن الله لم يزل، ونوره لم يزل وقدرته، فقلنا: لا نقول إن الله لم يزل وقدرته، ولم يزل ونوره، ولكن لم يزل بقدرته وبنوره لا متى قدر ولا كيف قدر"، فكل ما له فهو في نفسه نور، فإن إنارته على غيره فرع استنارته في نفسه.

ولهذا كان لفظ النور يقع على الجواهر المنيرة وعلى الأعراض القائمة بالمستنير بها أخرى، قال تعالى: وجعل القمر فيهن نورا [نوح: 16] فجعل القمر نفسه نورا، وهو جوهر قائم بنفسه، ويقال لضوئه وضوء الشمس نور.

[ ص: 490 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية