الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه السادس: أن انتحال قول أو طريقة للذم بها والمدح والموالاة عليها والمعاداة غير الإيمان والقرآن، أو إمام يوالى على اتباعه مطلقا ويعادى على عدم اتباعه مطلقا غير رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حال أهل البدع الضالين، بل حال المنافقين والمرتدين، وإن كانوا مع ذلك مقرين بالكتاب والرسول كما فعل أتباع مسيلمة الكذاب حيث زعموا أنهم يؤمنون بالرسولين والقرآنين، وكما فعلت الخوارج حيث جعلت تمتحن الناس وتواليهم وتعاديهم [ ص: 398 ] على ما أحدثوه من الرأي، وكذلك الرافضة وغيرهم، وهؤلاء الجهمية عمدوا إلى ألفاظ القرآن والرسول مثل قوله: الرحمن على العرش استوى [طه: 5] وقوله: أأمنتم من في السماء [الملك: 16] وقوله: وكلم الله موسى تكليما [النساء: 164] وقوله: وهو العلي العظيم [البقرة: 255] وقوله: الكبير المتعال [الرعد: 9] وأمثال ذلك، فجعلوه المجمل المتشابه، وجعلوا ما ابتدعوه من لفظ الجسم والتحيز والتركيب والتأليف هو أصل دينهم المحكم الذي يوالون عليه ويعادون عليه، ومعلوم أن هذا تبديل للدين وتحريف للكتاب، وهو شبيه بما فعله المبدلون المحرفون من أهل الكتاب، حيث نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، واتبعوا ما تتلوه الشياطين.

التالي السابق


الخدمات العلمية