الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن أجج نارا في ملكه ، أو سقى أرضه فتعدى إلى ملك غيره فأتلفه : ضمنه إذا كان قد أسرف فيه ، أو فرط ، وإلا فلا ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب . قال في الفروع ، والمراد : لا بطريان ريح . ولهذا قال في عيون المسائل : لو أججها على سطح دار . فهبت الريح ، فأطارت الشرر : لم يضمن . لأنه في ملكه ولم يفرط . وهبوب الريح ليس من فعله . بخلاف ما لو أوقف دابته في طريق فبالت ، أو رمى فيها قشر بطيخ . لأنه في غير ملكه . فهو مفرط . قال في الفروع : وظاهره لا يضمن في الأولى مطلقا . انتهى . وقال في الرعاية بعد ذكر المسألة قلت : وإن كان المكان مغصوبا : ضمن مطلقا ، يعني : سواء فرط وأسرف أو لا . إن لم يكن للسطح سترة وبقربه زرع ونحوه ، والريح هابة ، أو أرسل في الماء ما يغلب ويفيض : ضمن . وقيل : من أجج نارا في ملك بيده له ، أو لغيره بإيجار أو إعارة ، وأسرف : ضمن ، وإلا فلا . وإن منع من ذلك لأذى جاره : ضمن . وإن لم يسرف . انتهى فائدة : قال الحارثي قوله " أسرف فيه أو فرط " يغني الاقتصار على لفظ " التفريط " لدخول " الإسراف " فيه انتهى . قلت ، الذي يظهر : أن الأمر ليس كذلك ، وأن كل واحد منهما ينفك عن الآخر . لأن " الإسراف " مجاوزة الحد عمدا عدوانا . وأما " التفريط " فهو التقصير في المأمور . [ ص: 225 ] ولذلك قال بعض المحققين : فرط أو أفرط .

التالي السابق


الخدمات العلمية