الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 255 ] قوله ( الثاني : أن يكون شقصا مشاعا من عقار ينقسم ) . يعني : قسمة إجبار . فأما المقسوم المحدود : فلا شفعة لجاره فيه . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وقيل : تثبت الشفعة للجار . وحكاه القاضي يعقوب في التبصرة ، وابن الزاغوني عن قوم من الأصحاب رواية . قال الزركشي : وصححه ابن الصيرفي . واختاره الحارثي فيما أظن . وأخذ الرواية من نصه في رواية أبي طالب ومثنى : لا يحلف أن الشفعة تستحق بالجوار قال الحارثي : والعجب ممن يثبت بهذا رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . قال في الفائق : وهو مأخذ ضعيف . وقيل : تجب الشفعة بالشركة في مصالح عقار . اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وصاحب الفائق . وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي طالب ، وقد سأله عن الشفعة ؟ فقال : إذا كان طريقهما واحدا شركاء : لم يقتسموا . فإذا صرفت الطرق ، وعرفت الحدود : فلا شفعة . وهذا هو الذي اختاره الحارثي . لا كما ظنه الزركشي ، من أنه اختار الشفعة للجار مطلقا . فإن الحارثي قال : ومن الناس من قال بالجواز ، لكن بقيد الشركة في الطريق . وذكر ظاهر كلام الإمام أحمد المتقدم . ثم قال : وهذا الصحيح الذي يتعين المصير إليه . ثم ذكر أدلته ، وقال : في هذا المذهب جمع بين الأخبار ، دون غيره . فيكون أولى بالصواب . [ ص: 256 ]

فوائد : منها : شريك المبيع أولى من شريك الطريق . على القول بالأخذ . قاله الحارثي .

ومنها : عدم الفرق في الطريق بين كونه مشتركا بملك ، أو باختصاص . قدمه الحارثي . وقال : ومن الناس من قال : المعتبر شركة الملك ، لا شركة الاختصاص . وهو الصحيح .

ومنها : لو بيعت دار في طريق لها درب في طريق لا ينفذ . فالأشهر : تجب ، إن كان للمشتري طريق غيره ، أو أمكن فتح بابه إلى شارع . قاله في الفروع . وجزم به في التلخيص وغيره . وقدمه في الشرح وغيره . وقيل : لا شفعة بالشركة فيه فقط . ومال إليه المصنف ، والشارح . وقيل : بلى . وأطلقهما في الفروع . وإن كان نصيب المشتري فوق حاجته . ففي الزائد وجهان . اختار القاضي ، وابن عقيل : وجوب الشفعة في الزائد . وقال المصنف في المغني : والصحيح لا شفعة . وصححه الشارح . وأطلقهما الحارثي في شرحه ، والفروع . وكذا دهليز الجار وصحن داره . قاله في الفروع ، والحارثي ، والمصنف ، والشارح .

ومنها : لا شفعة بالشركة في الشرب مطلقا . وهو النهر ، أو البئر ، يسقي أرض هذا وأرض هذا . فإذا باع أحدهما أرضه فليس للآخر الأخذ بحقه من الشرب . قاله الحارثي وغيره . ونص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية