الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويضمن الأجير المشترك ما جنت يده من تخريق الثوب وغلطه في تفصيله ) . الأجير المشترك : هو الذي يقع العقد معه على عمل معين . فيضمن ما جنت يده من تخريق الثوب وغلطه في تفصيله ، وزلق الحمال والسقوط عن دابته . وكذا الطباخ ، والخباز ، والحائك ، وملاح السفينة ، ونحوهم . ويضمن أيضا ما تلف بفعله مطلقا . على الصحيح من المذهب . نص عليه في رواية ابن منصور . وجزم به في المحرر ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم . وقدمه في الكافي ، والمغني ، والشرح ، والرعايتين ، والفروع ، والفائق ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة وغيرهم . وصرح به القاضي في التعليق في أثناء المسألة وابن عقيل . واختاره المصنف وغيره . وقيل : لا يضمن ما لم يتعد . وهو تخريج لأبي الخطاب . قلت : والنفس تميل إليه . وقيل : إن كان عمله في بيت المستأجر أو يده عليه لم يضمن ، وإلا ضمن . واختاره القاضي ، وأصحابه . قاله في الكافي . ونقله في القاعدة الثامنة والتسعين عن القاضي ، واقتصر عليه .

[ ص: 73 ] وذكر القاضي أيضا في تضمينه ثلاث روايات : الضمان ، وعدمه . والثالثة : لا يضمن إذا كان غير مستطاع . كزلق ونحوه . قلت : وهذا قوي . قوله ( ولا ضمان عليه فيما تلف من حرزه أو بغير فعله ) . مراده : إذا لم يتعد . وما قاله هو المذهب . قال في الفائق : ولا يضمن ما تلف بغير فعل . ولو عدم من حرزه فلا ضمان في أصح الروايتين . قال في الفروع : وما تلف بغير فعله ولا تعديه : لا يضمنه في ظاهر المذهب . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب ونصره المصنف ، والشارح وغيرهما . قال الزركشي : هو المشهور ، والمنصوص عليه في رواية الجماعة . وهو اختيار الخرقي ، وأبي بكر ، والقاضي ، وأصحابه ، والشيخين . وجزم به في المحرر ، والوجيز ، والحاوي الصغير . وغيرهم . وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والرعايتين ، وغيرهم . وعنه يضمن . وعنه رواية ثالثة : إن كان التلف بأمر ظاهر كالحريق ، واللصوص ونحوهما فلا ضمان . وإن كان بأمر خفي كالضياع فعليه الضمان . وأطلقهن في المستوعب . قال في المستوعب ، والتلخيص : محل الروايات : إذا لم تكن يد المالك على المال . أما إن كانت يده على المال : فلا ضمان بحال .

قوله ( ولا أجرة له فيما عمل فيه ) . هذا المذهب مطلقا . وعليه أكثر الأصحاب . وهو ظاهر ما قطع به الخرقي ، وصاحب الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، وغيرهم . [ ص: 74 ] وقال في المحرر : ولا أجرة له فيما عمل فيه إلا ما عمله في بيت ربه . وقدمه في الحاوي الصغير ، والفائق . وعنه : له أجرة البناء لا غير . نص عليه في رواية ابن منصور . وقطع به القاضي في التعليق . قاله الزركشي . وعنه : له أجرة البناء والمنقول إذا عمله في بيت ربه . وقال ابن عقيل في الفنون : له الأجرة مطلقا . قلت : وهو قوي .

فائدة : لو استأجر أجير مشترك أجيرا خاصا كالخياط في دكان يستأجر أجيرا خاصا فيستقبل المشترك خياطة ثوب ، ثم يدفعه إلى الأجير الخاص ، فخرقه أو أفسده : لم يضمنه الخاص ، ويضمنه الأجير المشترك لربه . قاله الأصحاب . وإن استعان به ولم يعمل فله الأجرة . لأجل ضمانه ، لا لتسليم العمل . قاله في الانتصار في شركة الأبدان .

التالي السابق


الخدمات العلمية