الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويشترط كون المدة معلومة ) بلا نزاع في الجملة . لكن لو علقها على ما يقع اسمه على شيئين كالعيد ، وجمادى ، وربيع فهل يصح ، ويصرف إلى الأول ، أو لا يصح حتى يعين ؟ فيه وجهان .

الأول : اختيار المصنف ، وجماعة من الأصحاب .

الثاني : اختيار القاضي . قلت : وهو الصواب . وأطلقهما الزركشي . وقد تقدم نظير ذلك في السلم ، وأن الصحيح عدم الصحة . قوله ( يغلب على الظن بقاء العين فيها ، وإن طالت ) . هذا المذهب المشهور بلا ريب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وقيل : لا يجوز إجارتها أكثر من سنة . قاله ابن حامد ، واختاره . وقيل : تصح ثلاث سنين لا غير . وقيل : ثلاثين سنة . ذكره القاضي . قال في الرعاية : نص عليه [ ص: 41 ] وقيل : لا تبلغ ثلاثين سنة .

فائدة : ليس لوكيل مطلق إيجار مدة طويلة ، بل العرف ، كسنتين ونحوهما . قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله . قلت : الصواب الجواز إن رأى في ذلك مصلحة ، وتعرف بالقرائن . والذي يظهر : أن الشيخ تقي الدين لا يمنع .

تنبيهات : الأول : قال في الفروع بعد حكاية هذه الأقوال وظاهره : ولو ظن عدم العاقد ولو مدة لا يظن فناء الدنيا فيها . وفي طريقة بعض الأصحاب في السلم : الشرع يراعي الظاهر . ألا ترى أنه لو اشترط أجلا تفي به مدته : صح ، ولو اشترط مائتين . أو أكثر : لم يصح ؟ . الثاني : قوله ( ولا يشترط أن يلي العقد . فلو أجره سنة خمس في سنة أربع : صح ، سواء كانت العين مشغولة وقت العقد أو لم تكن ) . وسواء كانت مشغولة بإجارة أو غيرها . ويأتي كلام ابن عقيل وغيره قريبا . وهو صحيح . لكن لو كانت مرهونة . ففيه خلاف يأتي بيانه وتصحيحه بعد ذلك . إذا علمت ذلك ، فقال بعض الأصحاب : إذا أجره وكانت العين مشغولة صح إن ظن التسليم عند وجوبه . وقدمه في الفروع . وقال في الرعاية الكبرى : صح إن أمكن تسليمه أولها . وقال المصنف وغيره في أثناء بحث لهم تشترط القدرة على التسليم عند وجوبه . ولا فرق بين كونها مشغولة أو لا كالسلم . فإنه لا يشترط وجود القدرة عليه حال العقد . [ ص: 42 ] وقال ابن عقيل في الفصول ، أو الفنون : لا يتصرف مالك العقار في المنافع بإجارة ولا إعارة ، إلا بعد انقضاء المدة واستيفاء المنافع المستحقة عليه بعقد الإجارة . لأنه ما لم تنقض المدة له حق الاستيفاء . فلا تصح تصرفات المالك في محبوس بحق . لأنه يتعذر التسليم المستحق بالعقد . انتهى . قال في الفروع : فمراد الأصحاب متفق . وهو أنه يجوز إجارة المؤجر ، ويعتبر التسليم وقت وجوبه . انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية