الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا يصح الإجارة على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة ) . يعني : بكونه مسلما ، ولا يقع إلا قربة لفاعله . كالحج ، أي النيابة فيه ، والعمرة ، والأذان ونحوهما . كالإقامة ، وإمامة صلاة ، وتعليم القرآن . قال في الرعاية : والقضاء . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال ابن منجا وغيره : هذا أصح . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وعنه : يصح كأخذه بلا شرط . نص عليه . [ ص: 46 ] وقال في الرعاية قبيل صلاة المريض ويكره أخذ الأجرة على الإمامة بالناس وعنه : يحرم . انتهى . واختار ابن شاقلا الصحة في الحج ، لأنه لا يجب على أجير ، بخلاف أذان ونحوه . وذكر في الوسيلة الصحة عنه وعن الخرقي . لكن الإمام أحمد رحمه الله ، منع الإمامة بلا شرط أيضا . وقيل : يصح للحاجة . ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله ، واختاره . وقال : لا يصح الاستئجار على القراءة ، وإهدائها إلى الميت ، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك . وقد قال العلماء : إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له . فأي شيء يهدى إلى الميت ؟ وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح . والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة ، وإنما تنازعوا في الاستئجار على التعليم ، والمستحب : أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج ، لا أن يحج ليأخذ . فمن أحب إبراء ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج . ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح ، يفرق بين من يقصد الدين فقط ، والدنيا وسيلة ، وعكسه . فالأشبه : أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق . قال : وحجه عن غيره ليستفضل ما يوفي دينه : الأفضل تركه . لم يفعله السلف . ويتوجه فعله لحاجة . قاله صاحب الفروع ، ونصره بأدلة . ونقل ابن هانئ : فيمن عليه دين ، وليس له ما يحج ، أيحج عن غيره ليقضي دينه ؟ قال : نعم .

فوائد : الأولى : تعليم الفقه والحديث ملحق بما تقدم ، على الصحيح . اختاره القاضي في الخلاف ، وابن عبدوس في تذكرته . وجزم به في المحرر ، والهداية ، والمذهب ، [ ص: 47 ] والمستوعب ، والخلاصة ، وغيرهم . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . وقيل : يصح هنا ، وإن منعنا فيما تقدم . جزم به في الوجيز ، وشرح ابن رزين . واختاره المصنف ، والشارح . وهو المذهب على المصطلح . وأطلقهما في الفروع .

الثانية : لا بأس بأخذ أجرة على الرقية . نص عليه . قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله ، وغيره .

الثالثة : يجوز أخذ الجعالة على ذلك كله ، على الصحيح من المذهب . وقطع به جماعة . وقدمه في الفروع وغيره . قال المصنف : فيه وجهان . وهو ظاهر الترغيب وغيره . وقال في المنتخب : الجعل في الحج كالأجرة .

الرابعة : يحرم أخذ أجرة وجعالة على ما لا يتعدى نفعه كصوم وصلاة خلفه ونحوهما .

الخامسة : يجوز أخذ الرزق على ما يتعدى نفعه ، على الصحيح من المذهب . وقال ابن عقيل في التذكرة : لا يجوز أخذ الرزق على الحج ، والغزو ، والصلاة ، والصيام . وذكر نحوه القاضي في الخصال ، وصاحب التلخيص . وذكره في التعليق . ونقل صالح ، وحنبل : لا يعجبني أن يأخذ ما يحج به ، إلا أن يتبرع . وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن أخذ ليحج قريبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية