الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو هدماه ثم اصطلحا على أن يكون لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه على أن يحمل كل واحد منهما ما شاء عليه إذا بناه فالصلح فاسد ، وإن شاءا أو واحد منهما قسمت أرضه بينهما نصفين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال .

                                                                                                                                            إذا هدم الشريكان حائطا بينهما ثم اصطلحا عند بنائه بمالهما أن يكون لأحدهما ثلثه ، وللآخر ثلثاه ، على أن يحمل كل واحد منهما عليه ما شاء من أجذاع وغيرها فهذا صلح باطل لثلاثة معان :

                                                                                                                                            أحدها : أنه بذل بصلحه على الثلث بعد ملكه النصف سدسا بغير عوض ، وبذل الملك في الصلح إذا كان عبثا بغير عوض لا يصح .

                                                                                                                                            [ ص: 398 ] والثاني : أنه شرط فيه الانتقال لملك صاحبه من غير عوض وذلك لا يصح .

                                                                                                                                            والثالث : أنه اشترط لنفسه ارتفاقا مجهولا وذلك باطل ، فإذا ثبت بطلان الصلح لما ذكرنا وكانا قد عملا به ووضعا فوق الحائط ما شاءا فالملك بينهما نصفان على ما كان من قبل ، ثم لكل واحد منهما أن يأخذ صاحبه بقلع ما وضعه في الحائط من أجذاعه .

                                                                                                                                            وسواء في ذلك من شرط الزيادة والنقصان : لأنه وإن كان مأذونا فيه فهو عن عقد فاسد ، ففسد ما تضمنه من الإذن .

                                                                                                                                            ولأن الإذن يقتضي وضع ما يستأنفه ، كما يقتضي وضع ما تقدمه ، ثم كان ممنوعا من المستأنف فكذلك من المتقدم ، ولا وجه لأن يقر أجذاع من شرط الزيادة لنفسه ، لأن صاحبه قد شرط عليه ما لم يحصل له من وضع ما شاء من أجذاعه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية