الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  7069 133 - حدثنا عبد الله بن أبي الأسود، حدثنا معتمر سمعت أبي، حدثنا قتادة عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا فيمن سلف، أو فيمن كان قبلكم قال كلمة يعني أعطاه الله مالا وولدا، فلما حضرت الوفاة قال لبنيه: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإنه لم يبتئر أو لم يبتئز عند الله خيرا، وإن يقدر الله عليه يعذبه، فانظروا إذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني أو قال فاسحكوني، فإذا كان يوم ريح عاصف فأذروني فيها، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فأخذ مواثيقهم على ذلك وربي ففعلوا، ثم أذروه في يوم عاصف، فقال الله عز وجل: كن فإذا هو رجل قائم قال الله: أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟ قال: مخافتك أو فرق منك قال: فما تلافاه أن رحمه عندها، وقال [ ص: 164 ] مرة أخرى، فما تلافاه غيرها، فحدثت به أبا عثمان فقال: سمعت هذا من سلمان، غير أنه زاد فيه أذروني في البحر أو كما حدث.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "قال الله: أي عبدي". وشيخ البخاري عبد الله بن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود، واسم أبي الأسود حميد بن الأسود البصري، ومعتمر هو ابن سليمان، يروي عن أبيه سليمان بن طرخان التيمي البصري، وعقبة بن عبد الغافر أبو نهار الأزدي العوذي البصري، وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري، وفيه ثلاثة من التابعين.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في ذكر بني إسرائيل عن أبي الوليد، وفي الرقاق عن موسى بن إسماعيل، ومضى الكلام فيه على نسق.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو فيمن كان" شك من الراوي.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال كلمة" أي: قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كلمة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يعني أعطاه الله مالا وولدا " تفسير لقوله: " كلمة" وهو صفة لقوله: "رجلا".

                                                                                                                                                                                  قوله: "أي أب كنت لكم" لفظ أي منصوب بقوله: "كنت" وجاز تقديمه لكونه استفهاما، ويجوز الرفع.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قالوا خير أب " بالنصب على تقدير كنت خير أب، ويجوز الرفع بتقدير أنت خير أب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لم يبتئر" من الافتعال من بأر بالباء الموحدة والراء أي: لم يقدم خبيئة خير ولم يدخر، يقال فيه: بأرت الشيء وابتأرته أبأره وأبتئره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو لم يبتئز" بالزاي موضع الراء كذا في رواية أبي ذر، وقيل: ينسب هذا إلى أبي زيد المروزي.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فاسحقوني" من سحق الدواء دقه، ومنه مسك سحيق.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو قال فاسحكوني" شك من الراوي وهو بمعناه، ويروى فاسهكوني بالهاء بدل الحاء المهملة، وقال الخطابي: ويروى فاسحلوني يعني باللام، ثم قال: معناه أبردوني بالمسحل وهو المبرد، ويقال للبرادة: سحالة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فأذروني فيها" أي: الريح من ذرى الريح الشيء وأذرته أطارته.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وربي" قسم من المخبر بذاك عنهم، تأكيد لصدقه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو فرق" شك من الراوي أي: خوف منك.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فما تلافاه" بالفاء أي: فما تداركه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أن رحمه" أي: بأن رحمه.

                                                                                                                                                                                  قال الكرماني: مفهومه عكس المقصود، ثم قال: ما موصولة، أي: الذي تلافاه هو الرحمة، أو نافية، وكلمة الاستثناء محذوفة عند من جوز حذفها، أو المراد ما تلافى عدم الابتئار لأجل أن رحمه الله أو بأن رحمه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فحدثت به أبا عثمان" وهو عبد الرحمن النهدي، والقائل به هو سليمان التيمي، وقال بعضهم: ذهل الكرماني فجزم بأنه قتادة، قلت: لم أر هذا في شرحه، ولئن كان موجودا فله أن يقول: أنت ذهلت؛ لأنه لم يبرهن على ما قاله.

                                                                                                                                                                                  قوله: "من سلمان" هو سلمان الفارسي الصحابي، وأبو عثمان معروف بالرواية عنه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية