الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  7124 187 - حدثنا أحمد بن إشكاب، حدثنا محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ختم البخاري كتابه بالتسبيح والتحميد كما بدأ أوله بحديث النية؛ عملا به. وأبو زرعة اسمه هرم، ومر رجاله عن قريب. وقد مضى الحديث في الدعوات عن زهير بن حرب، وفي الأيمان والنذور عن قتيبة، وهنا رواه عن أحمد بن إشكاب بكسر الهمزة وفتحها وسكون الشين المعجمة وبالكاف وبالباء الموحدة غير منصرف، وقيل: هو منصرف، أبو عبد الله الصفار الكوفي، سكن مصر ويقال: أحمد بن ميمون بن إشكاب، ويقال: أحمد بن عبد الله بن إشكاب، ويقال: اسم إشكاب مجمع، مات سنة تسع عشرة ومائتين وهو من أفراده.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كلمتان " أي: كلامان، وتطلق الكلمة عليه كما يقال كلمة الشهادة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حبيبتان" أي: محبوبتان يعني بمعنى المفعول لا الفاعل، والمراد محبوبية قائلهما، ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير إليه والتكريم.

                                                                                                                                                                                  قيل: ما وجه لحوق علامة التأنيث، والفعيل إذا كان بمعنى المفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث؟

                                                                                                                                                                                  فأجيب بأن التسوية جائزة لا واجبة، ووجوبها في المفرد لا في المثنى، أو أن هذه التاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إلى الرحمن" تخصيص لفظ الرحمن من بين سائر الأسماء الحسنى; لأن القصد من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده؛ حيث يجازي على الفعل القليل بالثواب الكثير، ولا يقال: إنه سجع; لأن المنهي سجع الكهان.

                                                                                                                                                                                  قوله: "سبحان" مصدر لازم النصب بإضمار الفعل. وقال الزمخشري: سبحان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل.

                                                                                                                                                                                  قيل: سبحان واجب الإضافة، فكيف الجمع بين الإضافة والعلمية؟

                                                                                                                                                                                  وأجيب بأنه ينكر ثم يضاف، ومعنى التسبيح التنزيه، يعني أنزه الله تنزيها عما لا يليق به.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وبحمده" الواو للحال أي: أسبحه ملتبسا بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح ونحوه، أو لعطف الجملة على الجملة، أي: أسبح وألتبس بحمده، والحمد هو الثناء بالجميل على وجه التفضيل، وتكرار التسبيح للإشعار بتنزيهه على الإطلاق.

                                                                                                                                                                                  والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 203 ] فرغت يمين مؤلفه ومسطره العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني أبو محمد محمود بن أحمد العيني من تأليف هذا الجزء وتسطيره الحادي والعشرين من عمدة القاري في شرح البخاري، الذي به كمل الشرح بتوفيق الله وعونه ولطفه وكرمه - في آخر الثلث الأول من ليلة السبت الخامس من شهر جمادى الأولى عام سبعة وأربعين وثمانمائة من الهجرة النبوية في داره التي مقابلة مدرسته البدرية في حارة كتامة بالقرب من الجامع الأزهر، وكان ابتداء شروعي في تأليفه في آخر شهر رجب الأصم الأصب سنة عشرين وثمانمائة، وفرغت من الجزء الأول يوم الاثنين السادس عشر من شهر ذي الحجة الحرام سنة عشرين وثمانمائة، وفرغت من الجزء الثاني نهار الثلاثاء السابع من شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وفرغت من الجزء الثالث يوم الجمعة الثامن من جمادى الأولى سنة ثلاثة وثلاثين وثمانمائة، بعد أن مكثت فيه نصف سنة، وكان الخلو بين الثاني والثالث مقدار ستة عشر سنة وأكثر، وفرغت من الرابع يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ثم استمريت في الكتابة والتأليف إلى التاريخ المذكور في الحادي والعشرين، وكانت مدة مكثي في التأليف مقدار عشر سنين مع تخلل أيام كثيرة فيها.

                                                                                                                                                                                  والحمد لله تعالى على هذه النعمة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية