الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6923 124 - حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الخيل لثلاثة ، لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة ، فما أصابت في طيلها ذلك المرج أو الروضة كان له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذلك حسنات له ، وهي لذلك الرجل أجر ، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ، فهي له ستر ، ورجل ربطها فخرا ورياء فهي على ذلك وزر ، وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمر قال : ما أنزل الله علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

                                                                                                                                                                                  [ ص: 71 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 71 ] مطابقته للترجمة من حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بين أمور الخيل وسئل عن الحمر عرف حكم الحمر بالدليل ، وهو قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة الآية ، وقد ذكرناه الآن .

                                                                                                                                                                                  وإسماعيل هو ابن أبي أويس ، وأبو صالح ذكوان الزيات السمان .

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في الشرب عن عبد الله بن يوسف ، وفي الجهاد ، وفي علامات النبوة عن القعنبي ، وفي التفسير عن إسماعيل ، وعن يحيى بن سليمان ، ومضى الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وزر " هو الاسم . قوله : " فأطال " مفعوله محذوف ، أي : أطال لها الذي يشد به . قوله : " في مرج " هو الموضع الذي ترعى فيه الدواب . قوله : " أو روضة " شك من الراوي . قوله : " في طيلها " بكسر الطاء وفتح الياء آخر الحروف ، وهو الحبل الطويل الذي تشد به الدابة عند الرعي . قوله : " فاستنت " من الاستنان ، وهو العدو . قوله : " شرفا " بفتحتين ، وهو الشوط . قوله : " يسقي به " أي : يسقيه ، والياء زائدة ، ويروى : تسقى بلفظ المجهول . قوله : " تغنيا " قال ابن نافع : أي : يستغني بها عما في أيدي الناس ، وانتصابها على التعليل . قوله : " وتعففا " أي : يتعفف بها عن الافتقار إليهم بما يعمل عليها ويكسبه على ظهرها . قوله : " في رقابها " فيه دليل على أن فيها الزكاة ، واعتمد عليه الحنفية في إيجاب الزكاة في الخيل ، والخصم فسره بقوله : لا ينسى التصدق ببعض كسبه عليها لله تعالى . قوله : " وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " قيل : يمكن أن يكون السائل هو صعصعة بن معاوية عم الأحنف التميمي ; لأن له حديثا رواه النسائي في التفسير وصححه الحاكم ، ولفظه : قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره إلى آخر السورة ، قال : ما أبالي أن لا أسمع غيرها ، حسبي حسبي . قوله : " الفاذة " بتشديد الذال المعجمة المفردة في معناها ، ومعنى الجامعة التي تجمع أعمال البر كلها دقيقها وجليلها ، وكذلك أعمال المعاصي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية