الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز .

[40] الذين أخرجوا من ديارهم يعني : مكة ، بدل من للذين يقاتلون بغير حق بغير ذنب إلا أن يقولوا المعنى : لم يخرجوا من ديارهم إلا بسبب قولهم : [ ص: 432 ]

ربنا الله وحده ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض بالجهاد وإقامة الحدود . قرأ نافع ، وأبو جعفر ، ويعقوب : (دفاع ) بكسر الدال وألف بعد الفاء ، وقرأ الباقون : (دفع ) بفتح الدال وإسكان الفاء من غير ألف .

لهدمت لخربت . قرأ نافع ، وأبو جعفر ، وابن كثير : بتخفيف الدال ، والباقون : بتشديدها ، فالتخفيف يكون للقليل والكثير ، والتشديد يختص بالكثير ، وقرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو جعفر ، ويعقوب ، وقالون ، والأصبهاني عن ورش ، وهشام عن ابن عامر : بإظهار التاء عند الصاد من (صوامع ) ، والباقون : بإدغامها .

صوامع منابر الرهبان وبيع جمع بيعة ، وهي كنيسة النصارى .

وصلوات أي : مواضع صلوات ، وهي كنائس اليهود .

ومساجد هي للمسلمين .

يذكر فيها اسم الله كثيرا المعنى : لولا دفع الله عن المتعبدين بالمجاهدين ، لانقطعت العبادات ، وخربت المتعبدات ، وقدم مصليات الكافرين على مساجد المؤمنين ؛ لأنها أقدم . [ ص: 433 ]

واتفق الأئمة على منع أهل الذمة من إحداث الكنائس والبيع في بلاد الإسلام فيما اختطه المسلمون من الأمصار ، وما فتح عنوة ، واتفقوا على جواز ذلك فيما شرطوه فيما فتح صلحا على أنه لنا ، واختلفوا في إعادة المنهدم منها ، فقال أبو حنيفة والشافعي : يجوز إعادته ، وقال مالك وأحمد : لا يجوز ، قال أحمد : ولو هدم ظلما ، وأما رم المتشعث منها ، فيجوز عند الثلاثة ، وعند مالك : إن اشترطوه جاز ، وإلا فلا .

ولينصرن الله من ينصره أي : ينصر دينه ، وقد نجز وعده بتسليط المهاجرين والأنصار على العرب والعجم ، وأورثهم أرضهم وديارهم .

إن الله لقوي على خلقه عزيز ممتنع في سلطانه .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية