الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم

[52] ولما ألقى الشيطان بقراءة نفسه في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - محاكيا نغمته - عليه السلام - لما قرأ في الصلاة : أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى [النجم : 19 ، 20] : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى ؛ بحيث يسمعها من دنا إليه من الكفار ، فظنوها من قوله عليه السلام ، وأشاعوها ، حزن لذلك - صلى الله عليه وسلم - ، فنزل تسلية له : [ ص: 440 ]

وما أرسلنا من قبلك من رسول هو الذي جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه ولا نبي هو الذي لم ينزل عليه كتاب ، وإنما أمر أن يدعو إلى شريعة من قبله ، فكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولا .

إلا إذا تمنى أي : تلا وقرأ كتاب الله .

ألقى الشيطان بقراءة نفسه في أمنيته في قراءته ، المعنى : ما من رسول ولا نبي قبلك إلا مكنا الشيطان أن يلقي في قراءتهم مثل ما ألقى في قراءتك ، فلا تهتم لذلك . قرأ أبو جعفر : (أمنيته ) بتخفيف الياء ، والباقون : بتشديدها .

فينسخ الله ما يلقي الشيطان أي : يبطله .

ثم يحكم الله آياته أي : يثبتها .

والله عليم بأحوال الناس حكيم فيما يفعله بهم ، وما نقل من أن الشيطان ألقاها على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو أنه أصابته -عليه السلام- سنة ، فقالها ، أو حدث نفسه فسها ، فهذا كله ضعيف واه لم يرو بسند صحيح ؛ لعصمته - صلى الله عليه وسلم - ، ونزاهته عن مثل ذلك ، وعن جريان الكفر على قلبه أو لسانه عمدا أو سهوا ، أو يكون للشيطان عليه سبيل .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية