الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن [ ص: 557 ] بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم .

[58] قال ابن عباس : وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما من الأنصار يقال له : مدلج بن عمرو إلى عمر بن الخطاب وقت الظهيرة ؛ ليدعوه ، فدخل ورأى عمر بحالة كره عمر رؤيته ذلك ، فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم هذه اللام لام الأمر .

الذين ملكت أيمانكم يعني : العبيد والإماء ، هم .

والذين لم يبلغوا الحلم منكم من الأحرار ، وليس المراد منهم : الأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء ، بل الذين عرفوا أمر النساء ، ولكن لم يبلغوا .

ثلاث مرات أي : ليستأذنوا في ثلاثة أوقات .

من قبل صلاة الفجر لأنه وقت القيام من المضاجع ، وطرح ما ينام فيه من الثياب .

وحين تضعون ثيابكم للقيلولة .

من الظهيرة إلى وقت الظهر ؛ لأنه وقت القيلولة والتكشف .

ومن بعد صلاة العشاء لأنه وقت التجرد للنوم ، فهذه الأوقات أوقات خلوة ، فالاستئذان لهؤلاء مشروع فيها لهم ، ولغيرهم في جميع الأوقات .

ثلاث عورات لكم قرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف ، وأبو بكر عن [ ص: 558 ] عاصم : (ثلاث ) بنصب الثاء بدلا عن قوله : (ثلاث مرات ) أي : أوقات ثلاث عورات ، وقرأ الباقون : بالرفع ؛ أي : هذه الأوقات ثلاث عورات لكم ؛ لأن الإنسان يختل ستره فيها ، واتفقوا على النصب في قوله : (ثلاث مرات ) المتقدم ؛ لوقوعه ظرفا ، وقرأ أبو عمرو (بعد صلاة العشاء ) بإدغام الدال في الصاد .

ليس عليكم ولا عليهم يعني : العبيد والخدم والصبيان جناح إثم في الدخول بغير استئذان بعدهن أي : بعد هذه الأوقات الثلاثة .

طوافون عليكم للخدمة بعضكم يطوف .

على بعض يعني : إن كان بكم وبهم حاجة إلى المخالطة .

كذلك يبين الله لكم الآيات الأحكام .

والله عليم حكيم فيما يشرع لكم .

واختلف في حكم الآية ، فقال قوم : هي منسوخة ، قال ابن عباس : "لم يكن للقوم ستور ولا حجاب ، وكان الخدم والولائد يدخلون ، فربما يرون منهم ما لا يحبون ، فأمروا بالاستئذان ، وقد بسط الله الرزق ، فاتخذ الناس الستور" ، فرأى أن ذلك أغنى عن الاستئذان ، وذهب قوم إلى أنها [ ص: 559 ] غير منسوخة ، قال سعيد بن جبير : "إن ناسا يقولون : نسخت ، والله ما نسخت ، ولكنها مما تهاون به الناس" .

التالي السابق


الخدمات العلمية