الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( والثالث : أن يحيل برضاه . ولا يعتبر رضى المحال عليه ، ولا رضى المحتال ، إذا كان المحال عليه مليئا ) . لا يعتبر رضى المحتال إذا كان المحال عليه مليئا . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . فيجبر على قبولها . وهو من مفردات المذهب . وعنه يعتبر رضاه . ذكرها ابن هبيرة ومن بعده .

فائدتان

إحداهما : فسر الإمام أحمد رضي الله عنه المليء ، فقال : هو أن يكون مليئا بماله وقوله وبدنه . وجزم به في المحرر ، والنظم ، والفروع ، والفائق ، وغيرهم . زاد في الرعاية الصغرى ، والحاويين : أو فعله . وزاد في الكبرى عليهما : وتمكنه من الأداء . وقيل : هو المليء بالقول والأمانة ، وإمكان الأداء . قال الزركشي عن تفسير الإمام أحمد : الذي يظهر أن المليء بالمال : أن يقدر على الوفاء ، والقول : أن لا يكون مماطلا . والبدن : أن يمكن حضوره إلى مجلس الحكم .

الثانية : يبرأ المحيل بمجرد الحوالة . ولو أفلس المحال عليه ، أو جحد ، أو مات . على الصحيح من المذهب . ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . وصححه القاضي يعقوب . [ ص: 228 ] قال الناظم ، وصاحب الفائق : هذا المشهور عن الإمام أحمد . وقدمه في الرعايتين ، والناظم ، والحاويين ، والفروع ، وغيرهم . وعنه لا يبرأ إلا برضى المحتال . فإن أبى : أجبره الحاكم . لكن تنقطع المطالبة بمجرد الحوالة . وقال في الفائق : وعنه لا يبرأ مطلقا . وهو ظاهر كلام الخرقي . وتفيد الإلزام فقط . ذكرها في النكت . وهو المختار . انتهى .

فهذه رواية ثالثة ، قل من ذكرها . وأطلق الروايتين الأولتين في المحرر ، والزركشي . قال في القاعدة الثالثة والعشرين : ومبنى الروايتين : أن الحوالة هل هي نقل للحق أو تقبيض ؟ فإن قلنا : هي نقل للحق ، لم يعتبر لها قبول . وإن قلنا : هي تقبيض ، فلا بد من القبض بالقول ، وهو قبولها . فيجبر المحتال عليه . انتهى .

فعلى الرواية الثانية ، قال في الفروع : ويتوجه أن للمحتال مطالبة المحيل قبل إجبار الحاكم . وذكر أبو حازم ، وابنه أبو يعلى : ليس له المطالبة ، كتعيينه كيسا فيريد غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية