الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( الثالث : شركة الوجوه ) أي الشركة بالوجوه . ( وهو أن يشتركا على أن يشتريا بجاههما دينا ) . أي شيئا إلى أجل . هذا المذهب . وعليه الأصحاب . وسواء عينا جنس الذي يشترونه أو قدره أو وقته ، أو لا . فلو قال كل واحد منهما للآخر : ما اشتريت من شيء فهو بيننا : صح . وقال الخرقي : هي أن يشترك اثنان بمال غيرهما . فقال القاضي : مراد الخرقي : أن يدفع واحد ماله إلى اثنين مضاربة . فيكون المضاربان شريكين في الربح بمال غيرهم ; لأنهما إذا أخذا المال بجاههما لم يكونا مشتركين بمال غيرهما . قال المصنف ، والشارح ، وهذا محتمل . وحمل غير القاضي كلام الخرقي على الأول . منهم المصنف ، والشارح . وقالا : واخترنا هذا التفسير : لأن كلام الخرقي بهذا التفسير يكون جامعا [ ص: 459 ] لأنواع الشركة الصحيحة . وعلى تفسير القاضي يكون مخلا بنوع منها . وهي شركة الوجوه . قال الزركشي : والذي قاله القاضي هو ظاهر اللفظ . وهو كما قال . وعلى هذا : يكون هذا نوعا من أنواع المضاربة . ويكون قد ذكر للمضاربة ثلاث صور . قوله ( والملك بينهما على ما شرطاه ) . فهما كشريكي العنان ، لكن هل يشتريه أحدهما يكون بينهما ، أو لا يكون بينهما إلا بالنية ؟ فيه وجها . وأطلقهما في الفروع . وقال : ويتوجه في شركة عنان مثله . وجزم جماعة بالنية . انتهى .

وقال في الرعاية الكبرى : وهما في كل التصرف ، وما لهما وما عليه : كشريكي العنان . وقال في شريكي العنان : وكل واحد منهما أمين الآخر ووكيله . وإن قال لما بيده : هذا لي ، أو لنا ، أو اشتريته منها لي ، أو لنا : صدق مع يمينه ، سواء ربح أو خسر . انتهى .

فدل كلامه على أنه لا بد من النية . وقال في الرعاية الصغرى : وهما في كل التصرف كشريكي عنان . وكذا قال المصنف هنا ، وغيره من الأصحاب . قوله ( والربح على ما شرطاه ) . هذا المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به الوجيز ، وغيره . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم . ( ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما ) . واختاره القاضي ، وابن عقيل . لئلا يأخذ ربح ما لم يضمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية