الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6933 - كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها (ت) عن ابن عمرو. (ض)

التالي السابق


(كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها) هكذا في نسخ هذا الجامع ، والذي رأيته في سياق ابن الجوزي للحديث: كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها بالسوية ، هكذا ساقه ، فلعل لفظ "بالسوية" سقط من قلم المؤلف ، وذلك ليقرب من التدوير جميع الجوانب ، لأن الاعتدال محبوب ، والطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين ، فلعل ذلك مندوب ما لم ينته إلى تقصيص اللحية وجعلها طاقة ، فإنه مكروه ، وكان بعض السلف يقبض على لحيته فيأخذ ما تحت القبضة ، وقال النخعي: عجبت للعاقل كيف لا يأخذ من لحيته فيجعلها بين لحيتين ، فإن التوسط في كل شيء حسن ، ولذلك قيل: كلما طالت اللحية تشمر العقل كما حكاه الغزالي ، ففعل ذلك - إذا لم يقصد الزينة والتحسين لنحو النساء - سنة كما عليه جمع منهم عياض وغيره ، لكن اختار النووي تركها بحالها مطلقا ، وأما حلق الرأس ففي المواهب: لم يرو أنه حلق رأسه في غير نسك ، فتبقية شعر الرأس سنة ، ومنكرها مع علمه بذلك يجب تأديبه اه. ثم إن فعله هذا لا يناقض قوله "أعفوا اللحى" ؛ لأن ذلك في الأخذ منها لغير حاجة ، أو لنحو تزين ، وهذا فيما إذا احتيج إليه لتشعث أو إفراط يتأذى به ، وقال الطيبي: المنهي عنه هو قصها كالأعاجم ، أو وصلها كذنب الحمار ، وقال ابن حجر: المنهي عنه الاستئصال أو ما قاربه بخلاف الأخذ المذكور

(تتمة) قال الحسن بن المثنى: إذا رأيت رجلا له لحية طويلة ولم يتخذ لحيته بين لحيتين كان في عقله شيء . وكان المأمون جالسا مع ندمائه مشرفا على دجلة يتذاكرون أخبار الناس ، فقال المأمون: ما طالت لحية إنسان قط إلا ونقص من عقله بقدر ما طالت منها ، وما رأيت عاقلا قط طويل اللحية ، فقال بعض جلسائه: ولا يرد على أمير المؤمنين أنه قد يكون في طولها عقل ؟ فبينما هم يتذاكرون إذ أقبل رجل طويل اللحية حسن الهيئة فاخر الثياب ، فقال المأمون: ما تقولون في هذا ؟ فقال بعضهم: عاقل ، وقال بعضهم: يجب كونه قاضيا ، فأمر المأمون بإحضاره ، فوقف بين يديه فسلم فأجاد ، فأجلسه المأمون واستنطقه ، فأحسن النطق ، فقال المأمون: ما اسمك ؟ قال: أبو حمدويه والكنية علويه ، فضحك المأمون وغمز جلساءه ثم قال: ما صنعتك ؟ قال: فقيه أجيد الشرع في المسائل ، فقال: نسألك عن مسألة: ما تقول في رجل اشترى شاة ، فلما تسلمها المشتري خرج من استها بعرة ففقأت عين رجل ، فعلى من الدية ؟ قال: على البائع دون المشتري ، لأنه لما باعها لم يشترط أن في استها منجنيقا ، فضحك المأمون حتى استلقى على قفاه ثم أنشد: [ ص: 194 ]


ما أحد طالت له لحية. . . فزادت اللحية في هيئته

إلا وما ينقص من عقله.
. . أكثر مما زاد في لحيته



(ت) في الاستئذان (عن ابن عمرو) بن العاص وقال: غريب ، وفيه عمرو بن هارون ، قال الذهبي: ضعفوه ، وقال ابن الجوزي: حديث لا يثبت ، والمتهم به عمرو بن هارون البلخي ، قال العقيلي: لا يعرف إلا به ، وقال يحيى: كذاب ، وقال النسائي: متروك ، وقال البخاري: لا أعرف لعمرو بن هارون حديثا ليس له أصل إلا هذا ، وفي الميزان قال صالح جزرة: عمرو بن هارون كذاب ، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات ، ثم أورد له هذا الخبر .



الخدمات العلمية