الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7803 - ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين أو أكثر من ركعتين ، وإن البر ليذر فوق رأس العبد ما كان في الصلاة ، وما تقرب عبد إلى الله عز وجل بأفضل مما خرج منه (حم ت) عن أبي أمامة . (صح)

التالي السابق


(ما أذن الله لعبد في شيء) قال الطيبي : هو من أذنت للشيء أذنا: إذا أصغيت إليه ، وأنشد:


إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا. . . مني وما سمعوا من صالح دفنوا



وههنا الأذن عبارة عن الإقبال من الله بالرأفة على العبد (أفضل من ركعتين) أي من صلاة ركعتين (أو أكثر من ركعتين) قال أبو البقاء: "أفضل" لا ينصرف ، وهو في موضع جر صفة لــ "شيء" ، وفتحته نائبة عن الكسرة (وإن البر ليذر) بضم المثناة تحت أوله وفتح الذال المعجمة وشد الراء ، أي ينشر ويفرق ، من قولهم: ذريت الحب والملح والدواء أذره ذرا أي فرقته ، وقيل بدال مهملة ، قال التوربشتي : وهو مشاكل للصواب من حيث المعنى ، لكن الرواية لم تساعده ، والحديث يؤخذ من أفواه الرجال ، وليس لأحد مخالفتهم (فوق رأس العبد ما كان في الصلاة) أي مدة دوام كونه مصليا ، وذلك لأن العبد إذا كان في الصلاة وقد فرغ من الشواغل متوجها إلى مولاه ، مناجيا له بقلبه ولسانه ، فإنه تعالى مقبل عليه بلطفه وإحسانه إقبالا لا يقبله في غيره من العبادات ، فكنى عنه بالأذن ، ثم إذا رضي الله عن العبد وأقبل عليه ، هل يبقى من البر والإحسان شيء لا ينثره على رأسه ؟ كلا ، قال الطيبي : و "ليذر" بذال معجمة هو الرواية ، وهو أنسب من الدر بمهملة ، لأنه أشمل منه ، لاختصاص الدر أي الصب بالمائع وعموم الذر ، ولأن المقام أدعى له ، ألا ترى أن الملك إذا أراد الإحسان إلى عبد أحسن الخدمة ورضي عنه ينثر على رأسه نثارا من الجواهر؟ وكأن اختصاص الرأس بالذكر إشارة إلى هذا السر (وما تقرب عبد إلى الله عز وجل بأفضل مما خرج منه) يعني بأفضل من القرآن ، قال ابن فورك: الخروج يقال على وجهين: خروج الجسم من الجسم ، وذلك بمفارقة مكانه واستبدال غيره ، وذلك محال على الله ، وظهور الشيء من الشيء نحو: خرج لنا من كلامك نفع وخير ، أي ظهر لنا ، وهذا هو المراد ، فالمعنى: ما أنزل الله على رسوله وأفهم عباده ، وقيل: الضمير في "منه" عائد إلى العبد ، وخروجه منه: وجوده على لسانه محفوظا في صدره مكتوبا بيده ، وقال الأشرفي : أي ظهر الحق من شرائعه بكلامه ، أو خرج من كتابه المبين وهو اللوح ، ومعنى خبر "إن كلام الله منه بدأ وإليه يعود" : أنه تعالى به أمر ونهى وإليه يعود ، يعني هو الذي يسألك عما أمرك ونهاك ، وقال الطيبي : معنى قوله "منه بدأ" أنه أنزل على الخلق ليكون حجة لهم وعليهم ، ومعنى "إليه يعود" : أن مآل أمره وعاقبته من حقيقته في ظهور صدق ما نطق به من الوعد والوعيد إليه تعالى ، وإذا تقرر هذا ، فليس شيء من العبادات يتقرب العبد به إلى الله ويجعله وسيلة له أفضل من القرآن

(حم ت) في فضائل القرآن (عن أبي أمامة ) وقال الترمذي : غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفيه [ ص: 417 ] بكر بن خنيس ، تكلم فيه ابن المبارك ، وتركه آخر اه. وقال الذهبي : واه.



الخدمات العلمية