الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7836 - ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ، ولو فعلت لكانت سنة (حم د هـ) عن عائشة . (ح)

التالي السابق


(ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ) أي أستنجي بالماء ، وفي لفظ في بعض طرق الحديث: إني لم أومر أن أتوضأ كلما بلت (ولو فعلت) ذلك (لكان سنة) أي طريقة واجبة لازمة لأمتي ، فيمتنع عليهم الترخص باستعمال الحجر ، ويلزم الحرج وما جعل عليكم في الدين من حرج وهذا قاله لما بال ، فقام عمر خلفه بكوز من ماء ، فقال: ما هذا ؟ قال: ماء تتوضأ به ، وما ذكر من حمل الوضوء فيه على المعنى اللغوي هو ما فهمه أبو داود وغيره فبوبوا عليه ، وهو مخالف للظاهر بلا ضرورة ، والظاهر - كما قاله الولي العراقي - حمله على الشرعي المعهود ، فأراد عمر أن يتوضأ عقب الحدث ، فتركه المصطفى صلى الله عليه وسلم تخفيفا وبيانا للجواز ، لا يقال: قول المصطفى صلى الله عليه وسلم "لو فعلت.... إلخ" يقتضي كونه غير سنة لكونه لم يفعله مع أنه سنة ، بدليل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لبلال لما قال: ما أحدثت قط إلا توضأت: بهذا بلغت..... الحديث ، لأنا نقول: المراد بالسنة هنا الشرع المتلقى عن المصطفى صلى الله عليه وسلم مما ليس في القرآن أعم من كونه واجبا أو مندوبا ، فنحمله على الوضوء ، لأن الندب حاصل ، فمعناه: لو واظبت على الوضوء عقب الحدث لزم الأمة اتباعي ، أو معناه: لو فعلت ذلك [ ص: 427 ] لواظبت عليه ، وربما تعذرت المواظبة ، وفيه جواز القرب من قاضي الحاجة لنحو ذلك ، وخدمة الأكمل بإحضار ماء للطهر ونحوه وإن كان الخادم كاملا ، وأنه لا يعد خللا في منصبه بل شرفا ، وأنه لا يجب الوضوء بنفس الحدث فورا ، بل بإرادة القيام إلى نحو الصلاة ، ووجوب الاقتداء بأفعاله كأقواله ، وأن حكم الفعل في حقنا كهو في حقه: إن واجبا فواجب وإن مندوبا فمندوب وإن مباحا فمباح ، ووجوب اتباع فعله حتى يدل دليل الوجوب ، وأن له الاجتهاد فيما لم ينزل عليه وحي ، فإنه قال: ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ، ولو فعلت كانت سنة ، أي مع كوني ما أمرت بذلك ، ولو فعلته صار شرعا ، وأن الأمر للوجوب ، فإنه علل عدم استعمال الماء بكونه لم يؤمر به ، فدل على أنه لو أمر به لفعله ، وأصل حل طهارة الآنية وحل استعمالها والعمل بالعادة الغالبة ، لأن عمر نظر إلى أن عادة المصطفى صلى الله عليه وسلم إدامة الطهارة ، فقام على رأسه بالماء ، قيل: وتعين الماء للطهارة ، وهو في حيز المنع ، قيل: وأنه لا بأس بالاستعانة في إحضار الماء للطهارة ، وهو زلل ، إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يطلب من عمر إحضار الماء بل رده

(حم د هـ) من حديث أبي يعقوب التوأم عن ابن أبي مليكة عن أبيه (عن عائشة ) قالت: بال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاتبعه عمر بكوز ماء فذكره ، وذكره النووي في الخلاصة في فصل الضعيف ، وقال في شرح أبي داود : ضعيف لضعف عبد الله بن يحيى التوأم ، لكن قال الولي العراقي في المختار: إنه حديث حسن.



الخدمات العلمية