الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7497 - لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ، لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه ( مالك ق 4) عن أبي جهيم. (صح)

التالي السابق


(لو يعلم المار) أي علم ، فوضع المضارع موضع ما تستدعيه "لو" من الماضي ليفيد استمرار العلم ، وأنه مما ينبغي أن يكون على بال منه (بين يدي المصلي) أي أمامه بالقرب منه ، وخص اليدين بالذكر ، لأن بهما غالبا دفع المار المأمور به فيما يأتي. قال الزين العراقي : ما المراد بقوله "بين يديه" ؟ هل يتقيد بقدر أو بوجود سترة أو يعم الحكم؟ قيده أصحابنا بما إذا مر بينه وبين السترة ، فإن فقدت السترة فحده بعضهم بقدر السترة ، وهو ثلاثة أذرع ، قال: والمراد أن يمر بين يديه معترضا ، فإن كان قاعدا بين يديه أو قائما أو نائما فمر بين يدي المصلي لجهة القبلة لم يدخل في الوعيد الآني (ماذا عليه) زاد في رواية: من الإثم ، وأنكرها ابن الصلاح ، و "ما" استفهامية ، وهي مبتدأ ، و "ذا" خبره ، وهو اسم إشارة أو موصول ، وهو [ ص: 335 ] الأولى لافتقاره إلى ما بعده ، والجملة سادة مسد مفعولي "يعلم" ، وقد علق عمله بالاستفهام وأبهم الأمر تفخيما وتعظيما ، وجواب "لو" محذوف ، أي لو يعلم ذلك لوقف ، ولو وقف لكان خيرا له ، فقوله (لكان أن يقف أربعين) - زاد البزار : خريفا - (خيرا له) جواب "لو" المحذوفة لا المذكورة ، وفي رواية: "خير" بالرفع ، اسم "كان" ، وخبرها ما قبله ، وقال الزين العراقي : في رواية البخاري "خيرا" بالنصب على أنه خبر "كان" ، وفي رواية الترمذي بالرفع على أنه اسم "كان" و "أن يقف" الخبر (من أن يمر بين يديه) يعني: لو علم قدر الإثم الذي يلحقه من مروره ، لاختار أن يقف المدة المذكورة لئلا يلحقه الإثم ، ووجه التقييد بأربعين أن الأربعة أصل جميع الأعداد ، فلما أريد التكثير ضربت في عشرة ، أو أن كمال أطوار الإنسان في أربعين كأطوار النطفة ، وكذا كمال عقله وبلوغ أشده ، لكن في ابن ماجه بدل أربعين: مائة ، وهو يدل على أن المراد بالعدد المبالغة في التكثير ، لكن ذهب الطحاوي إلى أنه ورد المائة بعد الأربعين زيادة في تعظيم إثم المار ، وحذف مميز الأربعين هنا ، وذكر في رواية البزار : خريفا ، وفيه استعمال "لو" في الوعيد ، ولا يدخل في النهي ، لأن محله إن أشعر بما يعاند المقدور ، وقضية الحديث منع المرور مطلقا وإن فقد طريقا ، بل يقف حتى يفرغ من صلاته وإن طالت ، قال الحافظ العراقي : فيه إيهام ما على المار بين يدي المصلي من الإثم زجرا له ، لأنه إنما يقف أربعين على خطوة يخطوها لخوف ضرر عظيم يلحقه لو فعله. قال النووي : وفيه تحريم المرور ، أي بين يدي المصلي وسترته ، فإن لم يكن سترة كره ، ومحله إذا لم يقصر المصلي وإلا - كأن وقف بالطريق - فلا تحريم ولا كراهة ، قال بعضهم: وللمار مع المصلي أربعة أحوال: الأول: أن يكون له مندوحة عن المرور ولم يتعرض المصلي لمرور الناس عليه ، فالإثم خاص بالمار ، الثاني: أن لا يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي ، فالإثم خاص بالمصلي ، الثالث: أن يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي ، فيأثمان ، الرابع: أن لا يكون له مندوحة عنه ولا يتعرض له المصلي ، فلا إثم على أحد منهما اه ، وما ذكره من إثم المصلي فيما قاله ممنوع غايته أنه مكروه ، فلا يأثم

( مالك ق 4) في الصلاة (عن أبي جهيم) بضم الجيم وفتح الهاء وسكون التحتية مصغرا ، ابن الحارث بن الصمة ، بكسر المهملة وتشديد الميم ، ابن عمرو الأنصاري ، قيل: اسمه عبد الله ، وقد ينسب لجده .



الخدمات العلمية