الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                القسم الثاني : من خيار النقيصة :

                                                                                                                ما ثبت بمعاينة في البيع غير معتادة ، وفي الجواهر : الخيار للمغبون ، وقيل : لا خيار له إن كان من أهل الرشاد والتبصر بتلك السلعة ; لأنه أوتي من قبل نفسه ، فإن كانا أو المغبون منهما بخلاف ذلك ، فالمغبون بالخيار ، قال المازري : وليس الخلاف في الغبن على الإطلاق بل يشترط أن يكون المغبون لم يستسلم لبائعه وغارما بقيمة ما اشترى ، وإنما ذلك في الذي يقع في العين غلطا ، ويعتقد أنه غير غالط ، وأما العالم بالقيمة فيزيد عليها فلا مقال له ; لأنه واهب ، وإن استسلم ، وقال : أنا غير عالم بالقيمة فغره البائع فحرام اتفاقا وله المقال ; لأنه أكل المال بالباطل والاستسلام كالشرط بعدم الغبن ، ولو زاد في القيمة لعرض فلا مقال له ، والمغبون غلطا هل يعذر كالمشترط في رضاه ألا يكون غبيا فيكون له الرد ولا يقدر اشتراطه لذلك فيلزمه ، قال الطرطوشي : ومذهب مالك له الخيار فيما خرج على المعتاد ، وقال ( ش ) و ( ح ) : لا خيار له لما في الصحاح : إن حبان بن منقذ أصابته شجة في رأسه ، فكان [ ص: 113 ] يخدع في البيع فشكا أهله ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له عليه السلام : ( إذا بعت فقل : لا خلابة ، ولك الخيار ثلاثا ) فلو ثبت خيار الغبن لما تقدر بالثلاث ، ولقوله تعالى : ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة ) وهذه تجارة ; لأن القيمة لم يتناولها العقد ; لأنه لو وجد قيمة المعيب أضعاف ثمنه ، وله الرد ، ولو كان المعقود عليه القيمة لم يكن له الرد لعدم الضرر ، وإذا لم تكن القيمة معقودا عليها فيكون الخلل في غيره المعقود عليه فلا يضر ، والجواب عن الأول : أنه حجة لنا ، لقوله : ( لا خلابة ) أي : في الشرع ، فدل الحديث على نفيها وأنتم تثبتونها ، وعن الثاني : أن المفسرين قالوا : الاستثناء منقطع ، وتقديره إلا أن تكون تجارة فكلوها بالسبب الحق ، وهذا ليس حقا لقوله عليه السلام : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، وعن الثالث : أن المعقود إنما يعتمد وصف المالية بدليل أن ما لا يتمول لا يصح بيعه ، وإذا كان معتمد العقد وصف المالية كان الخلل فيها خللا في المعقود عليه فيؤثر ، ولو لم يكن العرض المالية في العقد لبطل الرضا بعيب المنقص لها .

                                                                                                                تفريع : في الجواهر : حيث قلنا بالخيار ، فقيل حيث يغبن بالثلث ، وقيل : ما شهدت به العادة أنه ليس من الغبن الذي يقع بين التجار ، قال ابن يونس : قال ابن وهب : إذا شبه السلعة بغير جنسها فله الرد ، قال مالك : إذا باع حجرا بدرهم فإذا هو ياقوت لزم البيع ، ولو شاء لاستتبت ، وقال ابن حبيب : وذلك إذا قال من يشتري مني الحجر ; لأن الياقوت يسمى حجرا ، ولو قال : هذه الزجاجة وهي ياقوتة فله الرد كما لو قال : ياقوت وهو زجاج ، فإن سكت فلا مقال له ، قال صاحب البيان : إذا اشترى حجرا يظنه [ ص: 114 ] ياقوتا ، أو فوجده غيره ، إنما يجري الخلاف إذا لم يسم البائع أو المشتري شيئا ، أما إذا سمى فلا يلزم البيع ، وأما القرط يظهر نحاسا وهو على صفة أقراط الذهب يرد اتفاقا ; لأنه عين ، فإن أوهم أحدهما في التسمية ولم يصرح ، قالابن حبيب : له الرد كالتصريح ، وقيل : لا رد له كعدم التصريح ، وقال بعض شيوخنا : البيع في سوق الجوهر كالتصريح بالجوهر ، وله الرد ، وإلا فلا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية