الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا صالح على إنكار ، ثم أقر أو وجد بينة : إن كان عالما ببينة لا قيام له بها ، وكذلك إن كانت غائبة فخاف فوتها أو عدم الغريم ; لأنه أسقط حقه منها ، قال ابن يونس : قال سحنون : إذا أقر بعد الصلح خير الطالب في المسك بالصلح أو رده ، وأخذ المقر به ، قال : وهذا تفسير لقول ابن القاسم ، وعن ابن القاسم : إذا كانت بينته بعيدة الغيبة ، وأشهد أنه إنما [ ص: 354 ] يصالح نقدا ويمتنع التأخير لما تقدم ويدخله في العرض الدين بالدين ، فإن زاد البائع عرضا أو عبدا نقدا ولم يفت العبد جاز ; لأنهما في نفقة واستغنى فزاده وتمتنع زيادة البائع دراهم نقدا ; لأنه سلف منه ، أو دنانير امتنع ; لأنه عبد وذهب بفضة إلى أجل ، وكذلك كان المبيع بدنانير مؤجلة ثم يزيده دراهم نقدا فإن العبد بعتق أو تدبير أو موت والثمن دراهم ، امتنع زيادة البائع دراهم نقدا لأنها سلف يرده المبتاع عند الأجل ، بل يضع عنه حصة العيب ، قال صاحب التنبيهات : قوله : دنانير ودراهم ; مشكل لوقوع الدنانير على الكثير ، فهو صرف وبيع إن كان رأس المال ذهبا فذهب وعبد بذهب ; فقيل : معنى ذلك إن كان البيع بذهب يكون الصلح بذهب على أن يسقط عنه من الذهب ذلك ويقتاصه ، وإن كان دراهم فتكون أقل من صرف دينار ، وقيل : بل الكلام على التفصيل إن كان ذهبا فيرد ذهبا أو دراهم فدراهم ، ويحتمل إن أراد بذكر الدنانير الذهب من غير كثرة ، فإن كان في المسألة المردود ذهبا أقل من دينار جاز ، وإن كان رأس المال فضة فإن رد الدراهم فعلى المقاصة ، وإن كانت كثيرة وإن كان رأس المال ذهبا فإن رد ذهبا فعلى المقاصة ، وإن كانت كثيرة وإن رد دراهم فعلى . . . . أنا دون صرف نصف دينار ، قال ابن يونس : قال أبو محمد : إذا فات العبد لا أدري معنى قوله تمتنع زيادة البائع دراهم نقدا ; لأنها سلف للمبتاع ; لأن العبد فات فلا يمنع السلف إلا أن يعطيه دراهم أقل من حصة العيب . . . . البائع في دفع قليل ، كثير ؛ وقال ابن القاسم : إنما يمنع هذا ; لأنه دفع بها خصومة العيب فهو سلف لمنفعة وعلى هذا التعليل تمنع ، وإن كان أقل من حصة العيب وهو أحسن مما تقدم لأبي محمد .

                                                                                                                لذلك فله القيام ، قال : وينبغي أن لا يختلف إذا أعلن بالإشهاد كما لو قال للحاكم : لي بينة بعيدة الغيبة فأحلفه لي ، فإذا قدمت قمت بها ، فإنه يحلفه له ، ويقوم بالبينة ، وأما إن لم [ ص: 355 ] يشهد على الغريم بل أشهد سرا أنه إنما يصالحه لذلك ، أو صالح عالما بالبينة ، فالخلاف فيهما ، أو كان يقر سرا ويجحده في العلانية ، فصالحه على تأخير سنة ، وأشهد أنه إنما يصالحه لغيبة بينته ، فإذا قدمت قام بها ، ففي قيامه بها قولان ، ولم يختلف فيمن صالح على الإنكار ، ثم إن أقر أن صكه ضاع ثم وجده إن له القيام فيهما ; لأن وجود الصك كوجود بينة لم يعلم بها ، ولو قال الغريم : حقك حق فات بالصك ( وخذ حقك فقال : ضاع صكي وأنا أصالحك فيفعل ، لا قيام له بالصك بخلاف الأول لدخوله على إسقاط موجب الصك ) ، ولو أشهد إنما صالحه على إنكاره وهو على حقه لم ينفعه ذلك ، وتمتنع الشهادة على شرط يخالف الصلح ، ولو قال : أخرني سنة أقر لك ، فأشهد سرا إنما أؤخره لأنه جحدني ، وإن وجدت بينة قمت بها ، فذلك له ; لأنه ألجأه لذلك ، وعن مالك : إذا صالحه على خمسة دراهم كل شهر على أنه إن ادعى عليه بدفع شيء فأنكره فلا يمضي عليه ، سقط الشرط ، وعليه اليمين ، قال ابن يونس : وينبغي أن يبطل التأخير لأنه إنما أخره لإسقاط اليمين ، وعن ابن القاسم : إذا اصطلحا على اليمين وطرح البينات ، أو على أن الناكل يغرم بلا رد يمين ، أو بعد ردها ، ذلك لازم ، قال : وهو أحسن من الأول ، والمؤمنون عند شروطهم .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية