الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب قال ربيعة : حمار بعشرة دنانير إلى أجل ، ثم أقلته على تعجيل دينار أو بعته بنقد فأقلته على زيادة دينار تؤخره به يمتنع ; لأن المعجل سلف كالأثواب مع الفرس ، والدينار سلف ، والحمار مبيع بتسعة ، فإن كانت قيمته أقل من تسعة فهو : ضع وتعجل ، أو أكثر فهو : حط عني الضمان وأزيدك ، ويدخله حمار ودينار بعشرة مؤجلة فهو صرف مستأخر ، وغير متماثل ، وبيع وصرف ، قال سند : وإذا منعنا على المشهور ووقع ، لا تخيير في رد الدينار ، كما قلنا ; لأن قوة العلة ثمة البيع والسلف ، وإذا رد السلف صح البيع ، والعلة هاهنا بيع وصرف ، ولو زاده الدينار إلى الأجل بعينه جاز ، وكان الحمار بيع بتسعة من غير تهمة ، قاله ابن القاسم وأشهب ، إلا أن تكون الزيادة ذهبا مخالفا لذهب الثمن ; لامتناع المقاصة بل ذهب مؤجل ، وسلعة بذهب [ ص: 13 ] إلى أجل ، وكذلك منع زيادة ذهب نقدا وإلى أبعد من الأجل وأقرب منه ، ويجوز للأجل في مثل العين في الجودة ; لأنه يكون مقاصة ، قال مالك في المدونة : إن زاد من غير النقدين نقدا من غير نوع الثمن جاز ، ومؤجلا يمتنع ، فإن زاد البائع من النقدين أو عرضا نقدا إلى أقرب من الأجل ، أو أبعد منه جاز ، إلا أن يكون العرض من صنف ما استقال منه فلا يجوز تأخيره ; لأن الزيادة في البائع لا يأخذ في مقابلها إلا الحمار ، فهو بيع الحمار بالمعجل بالدين المؤجل فيجوز ، فإن كانت الزيادة من الجنس فكان المشتري أقرض البائع الدابة أو العرض على أن زاده الدينار الذي عنده . ولو زاده المبتاع دينارا كان له على البائع فأسقطه أجازه ابن القاسم وكأنه قضاه ذلك من الثمن ووهبه السلعة ، وذلك إن تكافأ المالان ، وكذلك لو كان الدين أكثر من الثمن ولم يعجله ذهبا وسلعة بذهب إلى أجل لبعد القصد لذلك ، وهو ممنوع على أصل ابن نافع لمنعه المقاصة في الدينين إلا أن يحل أحد الأجلين ، ولو زاد المبتاع مكان الدينار ورقا امتنع أيضا ; لأنه صرف متأخر أو عرضا دخله الدين بالدين ، أو بزيادة دينار نقدا ، أو دينارين أو أكثر من الثمن جاز عند ابن القاسم وأشهب ، ولو زاده الورق نقدا أقل من صرف دينار أجازه ابن القاسم وهو على الخلاف في اجتماع البيع والصرف ، ولو زاده عرضا نقدا أجازه وكأنه باعه بالعشرة دنانير حمارا وعرضا ، وتجوز الزيادة من البائع مطلقا إلا عرضا من جنس ما استرجع مؤجلا ; لأنه سلم الشيء في مثله بزيادة ، ولو نقد المبتاع العشرة وتقابلا على أن زاد المبتاع عرضا ، أو عينا إلى أجل جاز ، إلا أن يكون بثمن أقل وضبط بعضهم هذه الإقالات بقوله :

                                                                                                                إذا استقالك مبتاع إلى أجل وزاد نقدا فخذه ولا تسل حاشا من الذهب المرجى إلى أجل إلا إلى ذلك الميقات والأجل [ ص: 14 ] مع الرقاب فلا تردد فإن لها حكما من الصرف في التعجيل والأجل وزده أنت من الأشياء أجمعها ما شئت نقدا أو مضمونا إلى أجل ما لم يكن صنف ما استرجعت تدفعه إلى زمان ولا بأسا على عجل

                                                                                                                قال ابن يونس : لو حل الأجل جاز أن يزيد المبتاع دنانير ودراهم عرضا إذا كانت الدراهم كالعشرة ونحوها لئلا يدخله بيع وصرف ، ولو زاده شيئا من ذلك امتنع ; لأنه فسخ في دين ، وهذه المسألة مشهورة في المذهب بحمار ربيعة ، والتي قبلها بفرس ابن القاسم .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية