الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا قلت : أكريتك بدينار ، وقال : بثوب ، تحالفتما وتفاسختما كالبيع ، وكذلك لو اختلفتما بعد السكنى أكثر المدة ، وتبدأ أنت باليمين لأنك بائع المنفعة ، كما يبدأ البائع ، ولك فيما مضى من السكنى أجرة المثل ، وكذلك لو قلت : بدينار ، وقال : بعشرة دراهم ، وأتيتما بما يشبه ، قال صاحب التنبيهات : تعقبت هذه المسألة ، فإن اختلاف الدنانير والدراهم اختلاف في جنس . فيتحالفان ويتفاسخان ، أتيا بما يشبه أم لا ، وأسقط أكثرهم لفظة " الدراهم " ، منهم ابن أبي زيد ، وروى " عشرة دنانير " وأراها إصلاحا ، قال صاحب المقدمات : التحالف في الإجارات كالتحالف في البيوع ، فإذا حلفا جميعا فهل يفسخ الكراء والبيع بمجرد التحالف ؟ قاله سحنون ، وهو ظاهر الكتاب في الشفعة من المدونة . أو لا يقع بذلك ، وهو قول ابن القاسم غير المسلم منها .

                                                                                                                [ ص: 456 ] أو يقع إن كان يحكم ، وإلا فتراضيهما ، ولا يقع حتى يحكم به الحاكم إن كان التحالف بحكم حاكم ، وإلا فبمجرد أيمانهما ; لأن الرضا بالتحالف رضا بالفسخ . أربعة أقوال . ونكولهما كحلفهما عند ابن القاسم ; لأنهما سببان من جهتهما ، وعند ابن حبيب : القول قول البائع ; لأن يده أقوى ، والنكول أضعف من اليمين ، هذا إذا اختلفا في جملة المسافة ، أو نوع الكراء ، فإن اختلفا في عدد الكراء أو صفته بعد سير في الرجوع بعده ضرر صدق المكتري ، نقد أم لا ، أشبه ما قال أم لا ، فإن نكل : فقول المكري أشبه أم لا ، فإن لم يشبه ما قال المكتري وأشبه ما قال المكري صدق ، وإن ادعيا ما لا يشبه تحالفا ووجب كراء المثل ، ولم يفسخ نفيا للضرر ، وكذلك إن نكلا جميعا ، فإن نكل أحدهما قدم الحالف مع يمينه ، وإن اختلفا في غاية السير بعد السير الكثير وادعيا ما يشبه ، أو المكتري دون المكري ، تحالفا وفسخ الكراء في الزائد المختلف فيه ، وفض الكراء على الجميع : فللمكري حصة الغاية المتفق عليها ، وكذلك نكولهما ، وإن ادعيا ما لا يشبه تحالفا وتفاسخا الزائد ، والمكري في المسافة المتفق عليها كراء المثل ، وكذلك إن نكلا ، فإن نكل أحدهما قدم الحالف ، وإن ادعى ما لا يشبه ; لأنه مكنه من اليمين ، فإن ادعى المكري ما يشبه دون المكتري صدق مع يمينه ، فإن نكل حلف الآخر وركب إلى حيث ادعى ، هذا إذا لم ينقد ، وادعيا ما لا يشبه تحالفا وتفاسخا في الزائد ، وفي المتفق عليه كراء المثل ، وكذلك نكولهما ، فإن أشبه قول المكتري وحده تحالفا ، عند ابن القاسم فض المنقود على المسافتين ، وللمكري ما ناب المتفق عليها ، وصرف الباقي للمكتري ، وكذلك إن نكلا فإن نكل أحدهما قدم غير الناكل .

                                                                                                                [ ص: 457 ] فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : إذا اختلفا في كثرة الكراء يتحالفان ويتفاسخان ، وعليه فيما سكن بحساب ما أقر به الساكن ، قال ابن القاسم : وهو خلاف قوله في المدونة ، بل فيما سكن كراء المثل للتفاسخ ، وقاله ( ش ) وأحمد ، وقال ( ح ) : يصدق الأجير بعد العمل فيما بينه وبين أجر المثل . لنا : القياس وعلى اختلافها في ثمن البيع بعد التلف ، ولو نقد دينارا وقال : هو كراء السنة ، وقلت أنت كراؤها ديناران وقد سكن نصف المدة ، تحالفتما وتفاسختما ، ويقسم الدينار على السنة ، ويرد الباقي ويصدق فيما مضى مع يمينه ، ولو انقضت السنة صدق ; لأنه قبضها فهو مدعى عليه كراء المثل ، ولو تحالفا وتفاسخا ، وقد نقد كراء نصف السنة ، والدار تنقسم بغير ضرر في السكنى أخذ نصفها بالنصف الذي انتقده ، فإن كان عليه ضرر فسخ ما لم يسكن ، ويقسم ما انتقد على قول رب الدار ، وما لم ينقد على قول الساكن ، قال اللخمي : فإن قلت : مشاهرة ، وقال : مسانهة : صدق من شهدت له العادة ، فإن اختلفت : صدقت لأنه أقر بالمعاوضة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إن ادعى أنه سكن بغير كراء صدقت فيما يشبه مع يمينك ; لأن الأصل : عدم التبرع ، وقال غيره : عليه الأقل من دعواك ، أو كراء المثل بعد التحالف ، قال اللخمي : إن كان على الهبة قرائن ، صدق مدعيها مع يمنيه ، وإن أشكل الأمر صدقت ، وتصدق على المسمى ، فإن تقدم ما يقتضي الهبة من قرابة أو صداقة إن ادعيت ما يشبه تحلف وحدك عند ابن القاسم ; لأنه اعترف بالكراء ، وتتم التسمية ، وعلى قول غيره : يحلف هو وحده أنه لم يكتر بما قلت ، ويغرم كراء المثل ، فإن ادعيت ما لا يشبه حلف هو على القولين ، وغرم كراء المثل ، وإن وجدت شبهة تقتضي سكناه باطلا وادعيت كراء المثل فأقل : حلفت وحدك وأخذت ما ادعيت أو أكثر ، ويشبه الكراء به حلفتما جميعا وغرم [ ص: 458 ] كراء المثل ، وإن طالت السنون بغير أجرة ، وخرج من السكن ، وطالت السنون بغير طلب : سقطت دعواك .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : ما ادعى أنه جدده ، صدقت في تكذيبه ; لأنه خلاف الأصل ، ويصدق فيما هو ملقى في الأرض من باب وغيره ; لأن الأصل : عدم دخوله في ملكك ويده عليه ظاهرة في الملك ، قال اللخمي : الأمر كذلك في الفصلين ما لم تدل قرائن على خلاف ذلك فتتبع القرائن .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية