الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لو باع أحدهما حقه وصالح منه على قمح ، فلشريكه رده واتباع الغريم ; لأنه لم يأذن ، أو أخذ نصف القمح لأنه عوض عن الحق ، قال سحنون : ويكون بقية الدين بينهما ، وعن ابن القاسم : للذي لم يصالح أخذ نصف العوض المصالح به إن صالح على عوض ، ثم إذا قبض جميع حقه رد المصالح قيمة العوض الذي أخذ منه يوم الصلح ، قال ابن يونس : يرد القيمة وإن كان مكيلا أو موزونا ; لأن السعر قد يختلف في المثلي فيظلمه بدفع المثل . قاله بعض شيوخنا ، قال : وكذلك إذا وهبه مثليا للثواب ففات في يد الموهوب ، وكذلك فداء الأسير بالمثلي ، وقال غيره : بل يرجع بالمثل في مسألة الشريكين ، قال : وهو الصواب ; لأنه القاعدة في الغصب وغيره .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا كان بينهما عروض مثلية أو غير مثلية غير الطعام والإدام ، فصالح أو باع بعشرة لشريكه نصفها وما بقي على الغريم بينهما ; لأن الجميع مشترك ، والعوض عن المشترك مشترك ، فإن سلم له ذلك وامتنع الغريم لا يرجع عليه كالمقاسمة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إذا باع نصيبه من الدين دخل من لم يبع عليه قوله في الكتاب : فيقاسمه نصفين اتفاقا ، ولو كان بينهما مائة فاقتضى نصيبه رجع عليه بخمسة وعشرين على القول بالرجوع ، وفيه خلاف ، واختلف أيضا كيف يكون [ ص: 361 ] رجوعهما ؟ فقال مرة : يرجع الذي لم يقبض على الغريم ، فإذا استوفى ذلك أخذ شريكه نصيبه وهو خمسة وعشرون ، وإن أخذ خمسة وعشرين أخذ منها شريكه نصفها ، وكذلك في جميع ما يأخذ .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : لو فلس الشريك كان المقتضي أحق بنصيبه الذي يستحقه من غرمائه ; لأن حقه متعلق بذلك الدين ، وإن هلك ما على الغريم لم يكن له شيء .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يمتنع إذا استهلك لك بعيرا أن يصالحه على مثله إلى أجل ; لأنه فسخ دين في دين بخلاف الدنانير المؤجلة إن كانت القيمة فأدنى وإلا امتنع النسأ في النقدين والقيمة التي وجبت لك من النقدين ، والتأخير في غير ذلك معروف إن كان المستهلك يباع في البلد بالدنانير ، ويجوز على دراهم نقدا أو عرضا نقدا بعد معرفتكما بقيمة المستهلك حذرا من المعاوضة بالمجهول . وإن كان يباع بالدراهم جاز على دراهم مؤجلة ، مثل القيمة فأدنى ، ويمتنع بدنانير أو عرض إلا نقدا بعد معرفتكما بقيمة المستهلك من الدنانير ، وإلى أجل يمتنع ; لأنه فسخ الدين في الدين ، فإن تعجله بعد الشرط لم يجز لوقوع العقد فاسدا ، وإن غصبك عبدا فأبق فكالاستهلاك ، قال ابن يونس : وقيل : له ترك القيمة وطلب العبد ( لأن كليهما حقه ، وقيل : ليس له ترك القيمة وطلب العبد ) وكأنه اشترى بها عبدا آبقا ، وعن ابن القاسم : إذا ذبح لك شاة يمتنع أخذك بالقيمة حيوانا مأكولا إن كان لحمها لم يفت ; لأنه لحم بحيوان ، وإلا جاز نقدا بعد معرفة قيمة الشاة ، ويجوز أن يأخذ في الصبرة القمح المستهلك ما شئت نقدا ، وتمتنع مكيلتها من [ ص: 362 ] القمح أو الشعير أو السلت على التحري ; لأنه بيع الطعام غير معلوم التماثل ، ويجوز كيل أدنى من كيل الصبرة لأنه أخذ بعض الحق .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية