الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الصبرة بالصبرة والإردب بالإردب قلت : هل تجوز صبرة حنطة بصبرة شعير ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا يجوز إلا كيلا مثلا بمثل . قلت : أرأيت إن اشتريت إردب حنطة وإردب شعير بإردب حنطة وإردب شعير أيجوز ذلك وتجعل الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وما يعجبني هذا وما أراه جائزا لأنه لا يصلح عند مالك مد من حنطة ومد من دقيق بمد حنطة ومد دقيق كانت بيضاء كلها أو سمراء كلها ، وكذلك أيضا إن كانت [ ص: 158 ] بيضاء أو سمراء لم يجز أيضا وهذا لو فرقته لجاز لأن الدقيق بالحنطة جائز والحنطة بالحنطة جائزة فلما اجتمعا كرهه مالك ، فكذلك الشعير والحنطة بالشعير وبالحنطة فهو مثله ، فلا يجوز إذا اجتمعا في صفقة واحدة وإنما خشي مالك في هذا الذريعة لما يكون بين القمحين من الجودة أو لفضل ما بين الشعيرين فيأخذ فضل شعيره في حنطة صاحبه ويأخذ صاحبه فضل حنطته في شعير صاحبه ، قال : وإنما مثله في قول مالك كمثل ما لو أن رجلا باع مائة دينار كيلا بمائة دينار كيلا ومع كل واحدة من الدنانير مائة درهم كيلا مع هذه مائة درهم ومع هذه مائة درهم فلا خير في ذلك ، وهذا لو فرقته لجازت الدراهم بالدراهم والدنانير بالدنانير ، وهذا إنما كرهه مالك لأنه لا يصلح أن يكون الذهب بالذهب مع إحدى الذهبين شيء عرضا ولا ورقا وكذلك الورق بالورق مثل الذهب بالذهب وكذلك جميع الطعام الذي يدخر ويؤكل ويشرب مما لا يصلح منه اثنان بواحد يدا بيد .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية