الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      الدعوى في التسليف قلت : أرأيت إن أسلمت إلى رجل في طعام فلما حل الأجل اختلفت أنا والذي أسلمت إليه فقلت له : أسلمت إليك عشرة دنانير في مائة إردب حنطة وقال : بل أسلمت إلي العشرة دنانير في خمسين إردبا حنطة قال : قال مالك : القول قول البائع قال ابن القاسم : وأنا أقول : إن كان لا يشبه ما قال البائع من سلم الناس نظر إليه ما قال المبتاع ، فإن كان ما قال يشبه سلم الناس كان القول قوله ، وإنما ينتقض هذا إذا قال : أسلمت في خمسين إردبا من شعير وقال صاحبه : بل أسلمت إليك في خمسين إردب حنطة أو قطنية أو غير ذلك ، فإذا اختلفت الأنواع تحالفا وترادا ، وأما إذا كان نوعا واحدا فاختلفا في الكيل والوزن نظر إلى قول البائع المسلم إليه فإن كان ما قال يشبه أن يكون سلم الناس يوم أسلم إليه فالقول قوله ، وإن أتى بما لا يشبه أن يكون سلم الناس يوم أسلم إليه وتبين كذبه فالقول قول المبتاع إذا أتى بما يشبه وليس اختلافهما في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه كاختلافهما في الأنواع ، وإنما اختلافهما في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه بمنزلة رجلين باع أحدهما جارية من صاحبه فماتت الجارية عند المشتري فاختلفا في ثمنها ، فقال المشتري : اشتريتها بخمسين دينارا وقال البائع : بعتها بمائة دينار .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : القول قول المشتري إلا أن يتبين كذبه يأتي بما لا يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم اشتراها فإذا أتى بما لا يشبه [ ص: 96 ] أن يكون ثمن الجارية يوم اشتراها به كان القول قول البائع إذا أتى بما يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم باعها قال : قال مالك : فإن لم يأت البائع بما يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم باعها كان على المبتاع قيمتها يوم اشتراها المشتري فلما قال مالك : إذا أتيا جميعا بما لا يشبه كانت عليه قيمتها يوم اشتراها المشتري وقال : في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه فالقول قول البائع إلا أن يأتي بما لا يشبه وإنما اختلافهما في السلم إذا اختلفا في الأنواع فقال البائع أسلمت إلي في حنطة ، وقال المشتري : بل أسلمت إليك في قطنية بمنزلة قول بائع الجارية : بعتها منك بمائة إردب حنطة ، وقال مشتريها : اشتريتها منك بمائة إردب عدس فهذا إذا كانت قائمة تحالفا وترادا ، وإن فاتت كانت قيمة الجارية على المشتري لأن مالكا قال لي في الدنانير إذا رفعت سلما فقال : أحدهما في حمص ، وقال الآخر في عدس بعد حلول الأجل وقد أسلمه إلى أجل من الآجال أنهما يتحالفان ويترادان الثمن فلما رد مالك الثمن وفسخ البيع بينهما ولم يكن فوات الزمان عنده تصديقا لقول البائع كانت الجارية كذلك لم يقبل قول واحد منهما فجعلت القيمة كأنها ذهب لأنه لو باعها ثم ماتت أو عورت أو نقصت كان ضامنا لها فله نماؤها وعليه نقصانها يوم قبضها لأنه كان ضامنا لها .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية