الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      باب في إجارة الخمر قلت : أرأيت مسلما آجر نفسه من نصراني يحمل له خمرا على دابته أو على نفسه أيكون له من الأجر شيء أم تكون له إجارة مثله ؟ قال : قال مالك : لا تصلح هذه الإجارة ولا أرى له أنا من الإجارة التي سمى ولا من إجارة مثله قليلا ولا كثيرا لأن مالكا قال لي في الرجل المسلم يبيع خمرا قال مالك : لا أرى أن يعطى من ثمنها قليلا ولا كثيرا فالكراء عندي بهذه المنزلة لا أرى أن يعطى من الإجارة قليلا ولا كثيرا . قلت : له وكذلك إن آجر حانوته من نصراني يبيع فيها خمرا ؟ قال : قال مالك : لا خير في ذلك وأرى الإجارة باطلا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : فأرى كل مسلم آجر نفسه أو غلامه أو دابته أو داره أو بيته أو شيئا مما يملكه في شيء من الخمر فلا أرى له من الإجارة قليلا ولا كثيرا ، ولكن يفعل فيه إن كان قبض أو لم يقبض ما وصفت لك في ثمن الخمر ابن وهب ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن عطاء بن دينار الهذلي ، عن مالك بن كلثوم المرادي قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : لا تغلق عليك وعلى الخمر باب دار ابن وهب ، عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب ، عن عطاء بن دينار الهذلي ، عن مالك بن كلثوم أنه سأل سعيد بن المسيب عن غلمان له يعملون بالسوق على دواب له فربما حملت خمرا قال : فنهاني سعيد بن المسيب عن ذلك أشد النهي وقال : إن استطعت أن لا تدخل البيت الذي فيه الخمر فلا تدخله .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن عياض بن عبد الله السلامي أنه قال لعبد الله بن عمر : إن لي إبلا تعمل في السوق ريعها صدقة تحمل الطعام وإذا لم تجد فربما حملت خمرا ، فقال : لا يحل ثمنها ولا كراؤها ولا شيء منه ولا في شيء كان منها فيه سبب . قال ابن وهب : وسمعت مالكا وسئل هل يكري الرجل دابته ممن يحمل عليها [ ص: 437 ] خمرا ؟ فقال : لا يؤاجر الرجل عبده في شيء من عمل الخمر ولا من حفظها وما أحل الله أوسع وأطيب من أن يؤاجر عبده في مثل هذا ، وقال الأوزاعي والليث مثله عبد الله بن وهب ، عن خالد بن حميد ، عن عياش بن عباس ، عن عميرة المعافري قال : خرجت حاجا أنا وصاحب لي حتى قدمنا المدينة فأكرى صاحب لي جمله من صاحب خمر فأخبرني فذهبنا إلى عبد الله بن عمر نسأله عن ذلك الكراء فنهاه عن ذلك وقال : لا خير فيه ابن وهب ، عن خالد بن حميد ، عن محمد بن مخلد الحضرمي ، عن ضمضم بن عقبة الحضرمي وجاءه غلام له يوما بفلوس فاستكثرها وقال : كنت أعمل في عصير الخمر قال : فأخذها ضمضم منه ، ثم نبذها في عرض بحر البرلس وكانوا بالبرلس مرابطين .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية