الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أسلمت في حنطة فلما افترقنا أصاب رأس المال نحاسا أو زيوفا بعد شهر أو شهرين فجاء ليبدل أينتقض السلم أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يبدلها ولا ينتقض سلمك . [ ص: 81 ] قال أشهب : إلا أن يكونا عملا على ذلك ليجيزا بينهما الكالئ بالكالئ فينفسخ . قلت : ولم وقد قال مالك : إنما يجوز أن يؤخر رأس مال السلف ولا يقبضه اليوم واليومين ونحو ذلك ولم يجز أكثر من ذلك فهذا قد مكث شهرين بعد أن قبض هذه الدراهم وهي رصاص فهذا قد فارقه منذ شهرين قبل أن يقبض رأس المال ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يشبه هذا الذي فارق صاحبه قبل أن يقبض رأس المال فأقام شهرا ثم جاء يطلب رأس المال لأن هذا له أن يقبل هذه الدراهم الزيوف والرصاص فأجازها ولم يرد أن يبدلها كان ذلك له ، وكان السلف عليه والذي ذكرت لم يقبض شيئا حتى افترقا وحتى مكثا شهرا فهذا فرق ما بينهما .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أسلمت دراهم في عروض أو طعام فأتاني البائع ببعض الدراهم بعد شهر أو أيام فقال : أصبتها زيوفا ، فقلت : دعها فأنا أبدلها لك بعد يوم أو يومين قال : لا بأس بذلك لأن مالكا قال لي : لو أن رجلا أسلم في طعام أو عروض فلم ينقد يوما أو يومين لم أر بذلك بأسا . قلت : فإن قال له : سأبدلها لك بعد شهر أو شهرين ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى ذلك غير جائز لأن مالكا قال : لا يصلح أن يشترط في السلم أن يؤخر رأس المال شهرا أو شهرين فكذلك هذا أيضا . قلت : أرأيت إن جاء يبدلها فقال : الذي دفع الدراهم دفعتها إليك جيادا وأنكر الذي عليه السلم . وقال : هي هذه وهي رصاص ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : القول قول الذي سلف وعليه اليمين ما أعطى إلا جيادا في علمه إلا أن يكون إنما أخذها الذي عليه السلف على أن يريها فإن كان إنما أخذها على أن يريها فالقول قوله وعلى رب السلف أن يبدلها له وعليه اليمين .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية