الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 386 ] في الصلح من جناية عمد على ثمر لم يبد صلاحه قلت : أرأيت لو أن رجلا جنى جناية عمدا فصالح من جنايته على ثمرة لم يبد صلاحها أيجوز هذا أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ، وهذا إنما أعطاه ثمرته ولم يأخذ شيئا إنما أعطاه ثمرة على أن يهضم عنه القصاص ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لو أجزت هذا لأجزت النكاح بثمرة لم يبد صلاحها ، ألا ترى أن مالكا قال في النكاح بالثمرة التي لم يبد صلاحها : إن ذلك لا يجوز ، فإن أدرك قبل البناء فسخ النكاح وإن أدركه بعد البناء كان لها مهر مثلها ، فكذلك القصاص مثل النكاح .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا جنى على رجل جناية عمدا فصالحه من ذلك على ثمرة لم يبد صلاحها أيجوز هذا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز هذا ، ولو أجزت هذا لأجزت النكاح ، وقال مالك في النكاح ما أخبرتك أن ذلك لا يجوز فكذلك القصاص مثل النكاح .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإذا عفا عن ثمرة لم يبد صلاحها أيكون هذا عفوا لا يستطيع الرجوع في القصاص ويرده إلى الدية عليه مثل ما صار في النكاح إذا دخل بها لم يرد النكاح وكان لها صداق مثلها ويثبت النكاح ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ذلك أحب ما فيه إلي لأن العفو قد نزل فلا يرده إلى القصاص ، وقد قال : غيره : ليس الصلح بالغرر في القصاص مثل النكاح بالغرر ، إنما القصاص مثل الخلع ، ألا ترى أن الخلع يجوز بالغرر ولا يجوز به النكاح لأن الخلع يجوز له أن يرسل من يده بالغرر ما كان جائزا له أن يرسله بلا شيء يأخذه ، فكذلك القصاص والنكاح قبض ذلك وحده لا يجوز له الأخذ بغير شيء ، فكذلك لا يجوز له الأخذ بالغرر ، فليس المرسل لما في يديه كالآخذ .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية