الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في البيع والسلف إذا وقع قلت : أرأيت لو بعت عبدا من أجنبي بمائة دينار وقيمته مائتا دينار على أن أسلفني المشتري خمسين دينارا ؟ قال : البيع فاسد وتبلغ قيمته به إذا فات مائتي دينار .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن العقدة وقعت فاسدة لأن فيها بيعا وسلفا ، ولأن البائع يقول أنا لم أرض أبيع عبدي بمائة دينار وقيمته مائتا دينار إلا بهذه الخمسين التي أخذتها سلفا فهذا يبلغ بالعبد هاهنا قيمته ما بلغت إذا فاتت إذا كان أبدا مثل مسألتك هذه فانظر إلى القيمة ، فإن كانت القيمة فوق الثمن فإنه يبلغ للبائع قيمة العبد وإن كان الثمن أكثر فله الثمن يبلغ بالعبد الأكثر من القيمة أو الثمن .

                                                                                                                                                                                      قلت : فلو باع العبد بمائة دينار وقيمته مائتا دينار على أن أسلف البائع المشتري خمسين دينارا ؟ قال : هذا لا يزاد على الثمن إن كانت القيمة أكثر ويرد السلف لأن البائع [ ص: 174 ] قد رضي أن يبيع بمائة دينار ويسلف خمسين دينارا أيضا فهذا ينظر أبدا إلى الأقل من الثمن ومن القيمة ، فيكون للبائع الأقل من ذلك أبدا ، وفي مسألتك الأولى إنما ينظر إلى الأكثر من القيمة أو الثمن ، فيكون للبائع الأكثر من ذلك أبدا وهذا إذا فات العبد فأما إذا كان العبد قائما بعينه لم يفت بحوالة سوق أو غيره من وجوه الفوت فإن البيع يفسخ بينهما إلا أن يرضى من اشترط السلف أن يترك ما اشترط من السلف أو يثبت البيع فيما بينهما فذلك له .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم كان هذا الذي اشترط السلف إذا ترك السلف ورضي بذلك ثبت البيع بينهما ؟

                                                                                                                                                                                      قال : كذلك قال لي مالك في هذه المسألة .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك في البيع والسلف : إذا ترك الذي اشترط أخذ السلف ما اشترط صحت العقدة قال : وهو مخالف لبعض البيوع الفاسدة كلها .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذه المسائل التي سألتك عنها من البيع والسلف أهو قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم منه ما سمعته منه ومنه ما بلغني عنه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية