رابعا: الموازنة في تفعيل (طاقة العروج) بين الانفعال والفاعلية:

من سمات الأفكار العليلة قدرتها على زج أصحابها في مهاوي التطرف، بحيث يتشيعون لهذا الطرف أو ذاك، مع أن الطرفين ضروريان لعملية التغيير، وغاية ما في الأمر أن أحدهما مهم والآخر أهم، أو أن أحدهما غاية والآخر وسيلة، كما هي العلاقة بين الانفعال والفاعلية، فالأول وسيلة والآخر غاية، غير أن الغاية لا تتحقق إلا بتلك الوسيلة، فهي ليست من الوسائل التي يمكن الاستعاضة عنها.

وإن الناظر إلى محاولات حركات الصحوة والتجديد لمعاودة الإقلاع بالأمة من (هامش) الحياة إلى (متن) الحضارة، يجد أن أكثر جهودها انفعالية مليئة بالعواطف والأمـاني والنيات الحسنة، لكنها بدون فاعلية، لأنـها قليلة التسلح بالأفكار والرؤى والخطط وغير مشمولة بالمراجعة والنقد والمحاسبة.

وحجر الزاوية في هذا الاختلال الخطير هو عدم انسجام العقل والقلب، وهذا ما عمل فتح الله جولن على رتقه في فكره ودعوته، حتى أن هذا الأمر صار أشهر ما يتميز به بين سائر المجددين والدعاة.

ولهذا اشتهر كداعية يفوق كبار الدعاة بخطابه الروحاني، وأنتج عددا كبيرا من الكتب التي تعالج القلب، وتداوي الروح، وتشعل الشغف، وتوقد [ ص: 140 ] الفاعلية، وتضرم الأشواق، وتلهب الأحاسيس والمشاعر، ومنها كتاب (التلال الزمردية - نحو حياة القلب والروح)، الذي اجتهد فيه من أجل الترقي بالقلب في مدارج المعرفة ومعارج التزكية الربانية، ومن نظرة بسيطة إلى عناوين بعض كتبه سنجد القلب والروح حاضرين بقوة، مثل: (ونحن نقيم صرح الروح)، و (ترانيم روح وأشجان قلب)، وهما من أهم كتبه، ويحتار المرء في تصنيفهما ككتابين فكريين أم قلبيين نتيجة المزج التام بينهما، حتى أنك تستطيع أن تقرأه كله ككتاب فكري وتستطيع أن تقرأه جميعه ككتاب قلبي.

وبجانب كونه داعية وواعظا ومربيا، فهو مفكر ومعلم حتى يمكن القول: إنه اليوم أبرز مفكر إسلامي بأفكاره العميقة وعقلانيته السديدة وآرائه الرشيدة.

وبهذا الجمع لم يصب كمفكر بجفاف الفكر وخواء الروح الذي يصيب أكثر المفكرين، ولم يتلبس كداعية بالخطاب العاطفي الذي يستثير المشاعر ويستجيش العواطف، دون أن يرسم بصمة في الحياة أو يكون له ظل من الواقع.

وتبدو موازنتـه الدقيقة بين الفاعـلية والانفعال، بارزة من خلال النقاط الآتية:

رابعًا: الموازنة في تفعيل (طاقة العروج) بين الانفعال والفاعلية:

من سمات الأفكار العليلة قدرتها على زجّ أصحابها في مهاوي التطرف، بحيث يتشيَّعون لهذا الطرف أو ذاك، مع أن الطرفين ضروريان لعملية التغيير، وغاية ما في الأمر أن أحدهما مهم والآخر أهم، أو أن أحدهما غاية والآخر وسيلة، كما هي العلاقة بين الانفعال والفاعلية، فالأول وسيلة والآخر غاية، غير أن الغاية لا تتحقق إلا بتلك الوسيلة، فهي ليست من الوسائل التي يمكن الاستعاضة عنها.

وإن الناظر إلى محاولات حركات الصحوة والتجديد لمعاودة الإقلاع بالأمة من (هامش) الحياة إلى (متن) الحضارة، يجد أن أكثر جهودها انفعالية مليئة بالعواطف والأمـاني والنيات الحسنة، لكنها بدون فاعلية، لأنـها قليلة التسلح بالأفكار والرؤى والخطط وغير مشمولة بالمراجعة والنقد والمحاسبة.

وحجر الزاوية في هذا الاختلال الخطير هو عدم انسجام العقل والقلب، وهذا ما عمل فتح الله جولن على رتْقه في فكره ودعوته، حتى أن هذا الأمر صار أشهر ما يتميز به بين سائر المجددين والدعاة.

ولهذا اشتهر كداعية يفوق كبار الدعاة بخطابه الروحاني، وأنتج عددًا كبيرًا من الكتب التي تعالج القلب، وتداوي الروح، وتشعل الشغف، وتوقد [ ص: 140 ] الفاعلية، وتضرم الأشواق، وتلهب الأحاسيس والمشاعر، ومنها كتاب (التلال الزمردية - نحو حياة القلب والروح)، الذي اجتهد فيه من أجل الترقي بالقلب في مدارج المعرفة ومعارج التزكية الربانية، ومن نظرة بسيطة إلى عناوين بعض كتبه سنجد القلب والروح حاضرين بقوة، مثل: (ونحن نقيم صرح الروح)، و (ترانيم روح وأشجان قلب)، وهما من أهم كتبه، ويحتار المرء في تصنيفهما ككتابين فكريين أم قلبيين نتيجة المزج التام بينهما، حتى أنك تستطيع أن تقرأه كله ككتاب فكري وتستطيع أن تقرأه جميعه ككتاب قلبي.

وبجانب كونه داعية وواعظًا ومربيًا، فهو مفكر ومعلم حتى يمكن القول: إنه اليوم أبرز مفكر إسلامي بأفكاره العميقة وعقلانيته السديدة وآرائه الرشيدة.

وبهذا الجمع لم يُصب كمفكر بجفاف الفكر وخواء الروح الذي يصيب أكثر المفكرين، ولم يتلبس كداعية بالخطاب العاطفي الذي يستثير المشاعر ويستجيش العواطف، دون أن يرسم بصمة في الحياة أو يكون له ظل من الواقع.

وتبدو موازنتـه الدقيقة بين الفاعـلية والانفعال، بارزة من خلال النقاط الآتية: