الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            أولا: العلاقة بين الأفكار والأفعال:

            مع أن الرجلين حاولا تجسير الهوة القائمة في حياة المسلمين بين أفكارهم وأفعالهم، بين شعاراتهم وسلوكياتهم، إلا أن الفرق بينهما كبير.

            فقد لاحظ بن نبي الانفصام القائم بين العنصر الروحي في تكوين المسلم والعنصر الاجتماعي في حياته، حتى أنه شبه هذا الانفصام بالدش الاسكتلندي - كما أسلفنا - إلا أن معالجاته لهذه المعضلة لم تتجاوز الفكر، سواء في التشخيص أو في المعالجة، ولذلك ظل مفكرا خالصا.

            أما جولن فقد عالج هذا الانفصام بنفس القدر من الاهتمام الفكري، وأضاف إلى ذلك إعادة تشكيل الطاقة الروحية بحيث تؤتي أكلها في دفع قطار المسلم للعبور نحو التجسيد العملي لإيمانه في سائر شعب الحياة.

            وأهم من هذا وذاك أنه انتقل إلى الجانب العملي لردم هذه الفجوة، من خلال المشاريع العملية التي تجسد قيم الإسلام في سائر مناحي الحياة، حتى صار "تيار الخدمة" أكثر التيارات الإسلامية المعاصرة تجسيدا لقيم الإسلام [ ص: 216 ] مع أنه أقل هذه التيارات حديثا عن الإسلام. وهذا ما لاحظه المفكرون والباحثون الذين اقتربوا من الخدمة.

            ومن تدابير القـدر أن يركز على رصـد هذه الظاهرة مفكر جزائري -ينتمي إلى بلد بن نبي- [1] ، حيث أبرزها من خلال واقع جولن و"تيار الخدمة"، وسجلها في كتاب خاص بدأ عنوانه بمصطلح يدمج بين الرؤى والتطبيقات: "البراديم كولن". وفي مقدمته لهذا الكتاب أوضح المقصود بهذا المصطلح، فذكر بأنه "يرمز إلى الصيغة المركبة بين "فكر الأستاذ" و"مشاريع الأستاذ"، بين "النموذج النظري" و"تطبيق النموذج فعليا" [2] .

            ولهذا لم يبق جولن رهين دائرة التفكير، بل خرج إلى دوائر الدعوة والتربية والإصلاح، وأصبح له تلاميذه ومشاريعه ومؤسساته التي انتظمت تحت راية تيار عملاق يسمى "تيار الخدمة".

            التالي السابق


            الخدمات العلمية