الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا ينوي في العدد إن أنكر قصد الطلاق بعد قوله : أنت بائن ، أو برية ، أو خلية أو بتة جوابا لقولها أود لو فرج الله لي من صحبتك

التالي السابق


( ولا ينوى ) بضم المثناة وفتح النون والواو مشددة أي لا تقبل نيته ( في العدد ) للطلاق ( إن أنكر ) الزوج ( قصد ) أي نية ( الطلاق ) فتلزم الثلاث ( بعد قوله ) أي الزوج لزوجته ( أنت بائنة أو ) قوله أنت ( برية أو ) أنت ( خلية أو ) أنت ( بتة ) حال كون القول المذكور ( جوابا لقولها ) أي الزوجة له ( أود ) بفتح الهمز والواو وشد الدال أي أتمنى ( لو ) مصدرية ( فرج ) بفتحات مشدد الراء آخره جيم أي رفع الكرب ( الله لي ) أي عني ( من صحبتك ) بضم الصاد المهملة وسكون الحاء كذلك أي عشرتك وزوجيتك لدلالة البساطي على قصده الطلاق وكذبه في إنكاره ، فإن لم يكن جوابا لقولها أود إلخ ، وأنكر قصد الطلاق به فإن تقدم كلام دال على عدم قصده فلا شيء عليه ، وإلا لزمه الثلاث وإن أقر بقصد الطلاق بما كان جوابا لذلك أو ما لم يكن فتلزمه الثلاث في المدخول مطلقا ، ولا تقبل منه نية أقل منها . وكذا في غير المدخول بها في بته وينوي في غيرها ، ففي المفهوم تفصيل .

هذا وقال طفى ليس معنى المسألة ما يتبادر من عبارة المصنف أنه بعد إنكار قصد [ ص: 87 ] الطلاق قال أردت واحدة أو اثنتين كما قرره بهذا غير واحد ، بل معناها قولها في كتاب التخيير والتمليك ، وإن قالت أود لو فرج الله لي من صحبتك فقال لها أنت بائن أو خلية أو برية أو باتة ، أو قال أنا منك بريء أو خلي أو بائن أو بات ، ثم قال لم أرد به الطلاق فلا يصدق لأنه جواب سؤالها . ا هـ . فالمصنف أراد تأدية هذا المعنى فقصرت به العبارة ، فمعنى قولها لا يصدق أي في عدم إرادة الطلاق بدليل آخر كلامها ، وبفرض المسألة والمصنف فهم لا ينوي في العدد وفيه نظر لأنه إحالة للمسألة فلو حذف لفظ العدد لطابق نصها والمدونة مقصد كلامها أنه لا يصدق في نية عدم الطلاق .

وأما ما يلزمه منه فأجره على ما سبق من كلامها وكلام المصنف ففي باتة الثلاث بنى أم لا ، وفي بائن الثلاث إن بنى ، وكذا إن لم يبن لعدم نية الأقل لأن الفرض أنه منكر وكذا خلية وبرية . فالحاصل أنه يلزمه الثلاث في الجميع عملا بما تقدم ، ومفهوم إن أنكر الطلاق هو ما تقدم فافهم ، وبه يتبين لك أن ما أطال به الشراح هنا خبط ومثل من عرف المضارب لا يطيل الهز ، والله الموفق ، وتبعه البناني ، وسلمه .

أقول كلام طفي هذا { كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا } . وبتحصيله لزوم الثلاث في الجميع تبين أنه لا ينوي في العدد كما قال المصنف ، وأنه لم يحل المسألة إذ عدم تنويته في العدد يستلزم عدم تنويته في عدم قصد الطلاق ، فكلامه مفيد ما أفاده كلامها وزيادة ختم الله لنا بخاتمة السعادة .




الخدمات العلمية