الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما السفر للتعريف بغير عرفة فلا نزاع بين المسلمين أنه من الضلالات ، لا سيما إذا كان بمشهد مثل قبر نبي أو رجل صالح أو بعض أهل البيت ، فإن السفر إلى ذلك لغير التعريف منهي عنه عند جمهور العلماء من الأئمة وأتباعهم . كما قال - صلى الله عليه وسلم - : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا" . وقد رأى بصرة بن أبي بصرة الغفاري أبا هريرة [ ص: 366 ] راجعا من زيارة الطور فقال : لو رأيتك قبل أن تزوره لم تزره ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا" .

[وقد] قال من قال من هؤلاء كأبي الوفاء ابن عقيل وغيره : إن المسافر لمجرد الزيارة لبعض المشاهد لا يقصر الصلاة لأنه عاص بسفره ، وإنما رخص في هذا السفر طائفة من المتأخرين ، ولكن الزيارة المشروعة إذا اجتاز الرجل بالقبور أو خرج إلى ما يجاوره من القبور كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلى البقيع ، وكما زار قبر أمه لما اجتاز بها في غزوة الفتح . وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : "استأذنت ربي أن أزور قبر أمي; فأذن لي ، واستأذنته في أن أستغفر لها; فلم يأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" .

وكان - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم : "السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم" .

وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "ما من رجل يمر بقبر الرجل [ ص: 367 ] كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام" .

التالي السابق


الخدمات العلمية