الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وانتدب للرد على صنوف الكفار والمبتدعة طوائف من المتكلمين بحجج بعضها صحيح قوي وبعضها مهين ، لصعوبة الزام علما وقصدا ، وعسر الاستبداد في هذا الباب بدرك اليقين ، والهوس بفرح ما يقوم لها من الحجة على المنازع قبل تعقب ما يلزم الحجة في سائر المواضع . وهذا من أعظم الآفة على الناظرين والمناظرين ، فيحتاج أن تطرد تلك الدلالة ، ويلتزم من اللوازم ما لا يظن أن فيه إحالة ، وإن كان مخالفا لنص مبين .

وهذا هو السبب كثيرا أو غالبا في البدع المخالفة للنصوص أو الدافعة لما عليه كل ذي عقل رصين ، حتى صار من نصر السنة في غالب الأمر يعد من متكلميها ، وإن اضطره تحقق حده وطرد دليله أحيانا إلى ما ينافيها ، إذ ذلك غامض إلا على الأقلين . وخرج كثير ممن ينصر السنة بالآثار إلى الاحتجاج بما لا يسوغ لأولي الأبصار ، إما لضعف الإسناد ، وإما لعدم المتن المتين ، وكثر في العلماء المحسنين في أكثر قولهم من المتأخرين من يقع في كلامه من المخالفة للسنة ما يروج عليه وعلى كثير من الناظرين ، فيرد هذا عليه سائر حقه لأجل باطله ، ويلحقه بالمعطلين ، ويقبل هذا جميع كلامه لاعتقاده فيه أنه كالسلف الماضين ، ثم إذا صارت الشبهات أهواء أخرجت من النفوس الداء الدفين . [ ص: 43 ]

وصار كثير من طلبة العلم وأذكياء المباحثين يقفون على أقسام محصورة وأمثال مسبورة في كلام كثير من الآخرين ، فتوجب حسن الظن بعقول تدرك تلك المطالب ، وافتقار رجال ذهبوا تلك المذاهب ، وإن كانوا للسلف مخالفين ، إذ ليس عندهم من السلف إلا أسماء مستطيرة وكلمات ليست بالكثيرة المعتبرة . ولولا أبهة الإسلام في قلوبهم لعدوهم من العمين ، وإن كان في الناس من يعتقد هذا أو يتوقف فيه ، وإنما سببه ضعف آثار المرسلين .

التالي السابق


الخدمات العلمية