الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : واختلف في الشركة التي يوجبها الحكم هل تجب الشفعة ؟ قيل : تجب لها قبل تقرر حكمها ; فعن مالك لا شفعة ، وقال أشهب : فيها الشفعة ، فسئل مالك : إذا أعطي في خيف من واد خمسين ومائة قفيز ، بين كل قفيزين عشرة [ ص: 304 ] أذرع ، ثم أكرى بعض أهل ذلك الخيف ، فهل للمعطى شفعة فيما باعوا ؟ فقال : لا ، فقيل : إنهم لم يجوزوه للمعطى ولم يقسموه ولم يسموه في أي جهة هو من الحائط أعلاه أو أسفله ، فقال : لا شفعة إذا قسموا له أذرعا مسماة ، وقال أشهب : هذا شريك بأذرعه كالشريك بنخلات ، وقد نزلت هذه المسألة للفقيه أبي القاسم أصبغ بن محمد في قرية توفي صاحبها فابتاع من بعض ورثته نصيبه ، وقد باع موروثهم قبل موته مبذر زوجين مشاعا فطلبه بالشفعة فأفتى بعدم الشفعة وهو النظر والقياس ، وأفتى القاضي بالبلد بالشفعة ، ولما بينا له الوجه رجع وأفتى بفساد البيع في الزوجين على الوجه المذكور للجهل بمبلغ أرض القرية ، وهو غير صحيح ، لأن المشترى لا يزيد بزيادة القرية ( ولا ينقص بنقصها ، بل يكفي العلم بكريم الأرض وخسيسها ، ولم تكن له شفعة ، لأن الشفيع هو الشريك يشارك فيما يطرأ على الأرض من ضمان هلاك أو غصب أو استحقاق ، ومشتري مبذر الزوجين ليس شريكا في القرية بل هو كمبتاع ثوب من ثياب ولم يعينه ، ولا اشترط الخيار ، وإن كان عند التشاح تكسر جميع أرض القرية فيأخذ مبذر الزوجين حيث ما وقع بالقرية ، ولو غصب منها شيء أو وهب أخذ المبتاع المبيع مما بقي ويشارك البائع بقدر ذلك إلا أن يأتي أحدهما ويريد رد البيع ; لأن المبتاع يقول : المستحق أفضل فلا أرضى آخذ من الباقي ، ويقول البائع : الباقي أفضل فلا أرضى آخذك منه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية