الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : اختلف قول مالك في هبة غير الثواب ، ولم يختلف قوله في عدم الشفعة في الميراث فقاسها مرة على الميراث بجامع عدم العوض ، ومرة على البيع بجامع نفي الضرر خلافا لـ ( ش ) و ( ح ) ، لنا : ظواهر النصوص المتقدمة ، احتجوا بقوله - عليه السلام - ( الشفعة في كل شرك ربع أو حائط ، ولا يحل له أن يبيع حتى يعرضه على شريكه ، فإذا باعه فشريكه أحق به ) فعلق حق الشفعة بالبيع ، وقياسا على الإرث ، ولأن الضرر في صورة النزاع عظيم بإبطال التمليك بغير عوض فيبطل مقصود الواهب ، بخلاف البيع .

                                                                                                                والجواب عن الأول : القول بالموجب ، لأن عمومه يوجب الشفعة في الهبة .

                                                                                                                والجواب عن الثاني : أن الوارث غير مختار فلم يتهم في الضرر بخلاف الموهوب .

                                                                                                                والجواب عن الثالث : لا ضرر على الموهوب ، لأن الشفيع عندنا يعطيه القيمة فيدفع الضرر .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : لا شفعة في بيع الخيار حتى يتم البيع ، وقاله ( ح ) وأحمد ، خلافا لـ ( ش ) ، احتج بأن الخيار حق للمشتري أو البائع ، والشفيع مقدم عليها ، وجوابه : أن المبيع في زمن الخيار على ملك البائع ، فلم يتحقق الانتقال الذي تترتب عليه [ ص: 309 ] الشفعة ، وهذه قاعدة مختلف فيها : هل الملك في زمن الخيار للبائع أو المشتري ؟ فالخلاف في الشفعة مبني عليه ، قال التونسي : إن باع بالخيار فباع الثاني بيع بت : إن رضي مشتري الخيار الشراء كان له الشفعة على مشتري البت كأن بيع الخيار ( لم يزل ماضيا قبل بيع البت ، قال : ولا يقال : يلزم أن يكون لمشتري الخيار ) على بائع البت ، لأنا نقول : إذا جعلنا الأول كأنه لم يزل كان كمن باع الشفعة ، أو يكون ابن القاسم فرع هاهنا على القول بأن من باع شفعته بعد وجوب الشفعة سقطت ، وفيه قولان ، وقال أشهب : يجعل بيع الخيار كأنه إنما أمضي يوم اختار المشتري إنفاذه ، فصار مشتري الخيار قد وجبت له الشفعة في بيع البتل قبل أن يبيع ، فليس بيعه بالذي يسقط شفعته ، وقال مطرف : إذا باع نصف دار بالخيار لأحدهما ، ثم باع باقيها بيع بتل : فإن اختار رب الخيار تنفيذ البيع وهو المبتاع ، شفع مشتري البتل ; فإن رد البيع فلا يشفعه البائع الأول ، لأنه الذي باع ، قال اللخمي : قال بعض الناس : تجب الشفعة إذا كان الخيار للمشتري ، لأن البيع انعقد من جهة البائع بخلاف الخيار للبائع ، وإذا باع أحدهما نصيبه بالخيار ، وباع الآخر نصيبه بتلا : فالشفعة لمشتري الخيار على مشتري البتل ( عند ابن القاسم ، وقال غيره : لمشتري البتل على مشتري الخيار ) هذا في المشتريين ، واختلف في البائعين ; فقيل : لا شفعة لهما لأن كل واحد باع ما يشفع به ، وقيل : هي لمن باع بتلا على مشتري الخيار ، لأن بيعه تأخر فهذا على القول أن بيع الخيار إذا أمضي كأنه لم يزل منعقدا من يوم العقد ، وعلى القول الآخر : يشفع بائع الخيار من بائع البتل ، لأنه إنما يراعى يوم التمام ، والقياس : عدم الشفعة كبيع ما يشفع به ، وفي الجواهر : اختلف في بيع الخيار إذا أمضي : هل يعد ماضيا من حين عقده أو من حين إمضائه ؟ وعلى هذا يتركب الخلاف فيمن باع نصف دار بالخيار ، ثم باع [ ص: 310 ] النصف الآخر بتلا هل الشفعة لذا ولذلك ؟ واختلف في بيع الحصة التي يشفع بها : هل تسقط حق الشفعة أم لا ؟ وعلى الأول : هل يسقط الاستشفاع في بعض الحصة المشتراة ببيع بعض الحصة المستشفع بها ؟ خلاف ، وتتركب على الخلاف في مسألة الخيار مسألة بيع الحصة ، والخلاف في فروع : إذا باع حصته بيع خيار ، ثم باع الآخر بتلا ففي تعين الشفيع أربعة أقوال مبنية على أصول الخلاف المتقدم ، لأنا إذا فرعنا على أن بيع الحصة المستشفع بها يسقط الشفعة انحصرت الشفعة لمن ابتاع في هذه الصورة ، ثم هل هو مبتاع الخيار أو البتل ؟ خلاف على الخلاف في إمضاء بيع الخيار كما تقدم ، وإن فرعنا على أن بيعها لا يسقط فالشفعة لمن باع ، وفي تعيين بائع الخيار أو البتل قولان أيضا على الخلاف في إمضاء بيع الخيار هل يقدر من حين الإمضاء أو من حين العقد ؟

                                                                                                                ( فرع مرتب ) في النوادر وفي الموازية : إذا سلم شفعته قبل تمام الخيار ، له القيام إذا تم الخيار .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : قال محمد : إذا بيعت فباع المشتري منك لغيرك : لك الأخذ لأنك قد لا ترضى بالشريك الثاني بخلاف الأول .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية