الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أشهد بالأخذ لزمه إن عرف الثمن والأخذ ، لأنه قد يظهر ما يرغبه أو ينفره ، ومتى سلم بعد البيع فلا قيام له لإسقاطه حقه ، ولو قال المشتري : اشتر ، فقد أسقطت شفعتي ، فلا تسقط ، وقاله ( ش ) ، قال ابن يونس : قال أشهب : إذا لم يعرف الثمن إلا بعد الأخذ فسخ ، لأنه شراء مجهول ، وتسليم الشفعة بعد الشراء لازم ، وإن جهل الثمن ، إلا أن تبيين ما لا يكون ثمنا لذلك ، قال محمد : وإذا سلم الشفيع بعد الشراء في عقد خيار في أيام الخيار بعوض أو بغير عوض ، لم يلزم ، ولو انقضى أجل الخيار لم يجز الرضا بما تقدم ، لأن الشفعة بيع يحله ما يحل البيع ويحرمه ما يحرمه ; فإن فسخا ذلك بقاض أو بغيره استأنفا ما أحبا .

                                                                                                                قاعدة : متى كان للحكم سبب وشرط فأخر عن سببه وشرطه صح إجماعا ، أو قدم عليهما بطل إجماعا ، أو توسط بعد السبب فقولان للعلماء ، كالزكاة سببها : النصاب ، وشرطها : الحول ، فتقديمها عليهما لا يجزئ إجماعا ، وبعدهما [ ص: 379 ] تجزئ إجماعا ، وبعد ملكه النصاب وقبل الحول قولان ، وكفارة اليمين ، سببها : اليمين ، وشرطها الحنث ، فقبلهما لا تجزئ إجماعا ، وبعدهما تجزئ إجماعا ، وبعد اليمين وقبل الحنث خلاف ، والقصاص في النفس ، سببه : الجراحة ، وشرطه : الزهوق ، فالعفو قبلهما لا ينفذ إجماعا ، وبعدهما ينفذ إجماعا من الأولياء ، وبعد الجراحة وقبل الزهوق لم يقع الخلاف كما وقع في نظائره ، بل ينفذ اتفاقا فيما علمته لأن ما عدا هذه الصورة المكلفة متمكن من استدراك وجوه البر لبقاء الحياة ، وهاهنا لو لم يمكنه الشرع من تحصيل قربة العفو عن دمه لتعذر عليه بموته ، وإذن الورثة لموروثهم قبل مرضه المخوف لا يعتبر ، لأنه سبب زهوق الروح الذي هو شرط في الإرث ، وبعد الزهوق ، وينفذ تصرفهم في التركة اتفاقا ، وبينهما لا أعلم أيضا فيه خلافا ، ولعله لتحصيل مصلحة الموروث قبل الفوت بالموت ، وهو أولى بما له ما دام حيا ، ومنه : إسقاط الشفعة قبل عقد البيع لا ينفذ ، لأنه السبب ، وبعد العقد والأخذ ينفذ ، وكذلك بعد العقد وقبل الأخذ . فهذه قاعدة شريفة يتخرج عليها فروع كثيرة في أبواب الفقه ، وبها يظهر فساد قياس الزكاة على الصلاة في امتناع التقديم على الوقت ، لأن أوقات الصلوات أسباب ، والتقديم على الزوال مثلا تقديم على السبب ، وأما تقديم الزكاة على الحول : فبعد السبب وقبل الشرط فليس الموضوعان سواء .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية