الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون .

[203] واذكروا الله بالتكبير عقب الصلوات، وعند رمي الجمرات يكبر مع كل حصاة.

في أيام معدودات هي أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، سميت معدودات لقلتهن كقوله: دراهم معدودة [يوسف: 20].

والتشريق: التكبير، وهو في الأضحى مطلق كما تقدم في الفطر، ومقيد عقب الصلوات، فعند أبي حنيفة وأحمد يكبر دبر كل فريضة صلاها في جماعة، وعند مالك يكبر عقب الفرائض، ولو منفردا، وعند الشافعي عقب كل صلاة، فريضة كانت أو نافلة، منفردا صلاها أو في جماعة.

وهذا التكبير مسنون عند الأئمة الثلاثة، واجب عند أبي حنيفة .

واختلفوا في ابتدائه وانتهائه، فقال أبو حنيفة : يبتدئ عقب صلاة الفجر يوم عرفة إلى أن يكبر لصلاة العصر يوم النحر، ثم يقطع.

وقال مالك : يبتدئ عقب صلاة الظهر من يوم النحر، ويختم بعد الصبح من آخر أيام التشريق.

ولا فرق عندهما بين المحرم وغيره.

وقال الشافعي : يكبر الحاج من ظهر النحر، ويختم بصبح أيام التشريق، وأما غير الحاج، ففيه خلاف، والذي عليه العمل عند المحققين [ ص: 289 ] من الشافعية أنه يكبر من صبح عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق.

وقال أحمد : ابتداؤه للمحل من صلاة الفجر يوم عرفة، وللمحرم من صلاة الظهر يوم النحر; لأنه كان مشغولا قبل ذلك بالتلبية، وانتهاؤه عقب صلاة العصر من آخر أيام التشريق مطلقا.

وتقدم اختلافهم في التكبير للفطر عند تفسير قوله تعالى: ولتكبروا الله [البقرة: 185].

وأما صفة التكبير، فعند الشافعي : الله أكبر ثلاثا نسقا في الأول، ثم يهلل، ويشفعه، ثم يقول: ولله الحمد.

وعند أبي حنيفة وأحمد : يشفع التكبير في أوله وآخره، وصفته: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

وعن مالك كالمذهبين، وكلاهما جائز عنده، والله أعلم.

فمن تعجل أي: فمن عجل وطلب الخروج من منى.

في يومين نفر في اليوم الثاني من أيام التشريق، فترك المبيت بمنى في الليلة الثالثة، وهذا النفر الأول.

فلا إثم عليه بتعجيله; لأنه مرخص له في ذلك.

ومن تأخر حتى نفر في اليوم الثالث، وهو أفضل، وهذا النفر الثاني.

فلا إثم عليه بترك الترخص. تلخيصه: هم مخيرون بين نفرين، وإن كان المتأخر أفضل. [ ص: 290 ]

لمن اتقى المناهي، أي: جواز التخيير، ونفي الإثم لمن اتقى شيئا نهاه الله عنه.

واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون للجزاء، وأصل الحشر: الجمع وضم المتفرق.

التالي السابق


الخدمات العلمية