الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6652 6653 6654 6655 ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم ، قال: ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر - رضي الله عنه - قال: "يا رسول الله، إني مررت بعطارد ، -أو بلبيد- وهو يعرض عليه حلة حرير، فلو اشتريتها للجمعة وللوفود، فقال رسول الله -عليه السلام-: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة".

                                                حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله -عليه السلام-. . . . نحوه. غير أنه لم يذكر عطاردا، ولا لبيدا .

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، وعمرو ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي -عليه السلام- مثله. وذكر أن الرجل عطارد ، أو لبيد. .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا أبو معمر ، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال: ثنا يحيى بن أبي إسحاق ، قال: "قال لي سالم بن عبد الله: : ما الإستبرق؟ قلت: ما [ ص: 262 ] غلظ من الديباج، ، وخشن منه، فقال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: رأى عمر بن الخطاب على رجل حلة من إستبرق فأتى بها، فقال: يا رسول الله اشتر هذه فالبسها لوفد الناس إذا قدم عليك، فقال: إنما يلبس هذا الحرير من لا خلاق له، قال: فمضى لذلك ما مضى، ثم إن رسول الله -عليه السلام- بعث إليه بحلة، فأتاه بها فقال: يا رسول الله، بعثت إلي بهذه وقد قلت في مثل هذا ما قلت؟! قال: إنما بعثت إليك بهذه لتصيب بها مالا". فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب من أجل هذا الحديث.

                                                حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أخبرني حميد ، عن بكر بن عبد الله ، عن ابن عمر أن رسول الله -عليه السلام- قال: "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له".

                                                التالي السابق


                                                ش: من الأحاديث الدالة على تحريم الحرير على الرجال حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.

                                                وأخرجه من خمس طرق صحاح:

                                                الأول: عن إبراهيم بن مرزوق عن عارم وهو محمد الفضل السدوسي شيخ البخاري ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

                                                وأخرجه البخاري: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثني جويرة ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر: "أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله، لو ابتعتها فلبستها للوفد إذا أتوك، والجمعة، قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له. . . ." الحديث.

                                                ومسلم: ثنا شيبان بن فروخ، قال: نا جرير بن حازم، قال: نا نافع ، عن ابن عمر قال: "رأى عمر عطاردا التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء وكان رجلا يغشى الملوك ويصيب منهم، فقال عمر: يا رسول الله إني رأيت عطاردا يقيم في [ ص: 263 ] السوق حلة سيراء فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك -وأظنه قال: ولبستها يوم الجمعة- فقال له رسول الله -عليه السلام-: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة. . . ." الحديث.

                                                وأبو داود: نا عبد الله بن مسلمة ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رأى حلة سيراء عند باب المسجد تباع، فقال: يا رسول الله، لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسول الله -عليه السلام-: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة. . . ." الحديث.

                                                والنسائي: [عن إسحاق بن منصور قال]: أنا عبد الله بن نمير، ثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب: "أنه رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد، فقلت: يا رسول الله، لو اشتريت هذا ليوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسول الله -عليه السلام-: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة".

                                                الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ... . إلى آخره.

                                                أخرجه مسلم: نا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر: "أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله، لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسول الله -عليه السلام-: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة. . . ." الحديث.

                                                الثالث: عن يونس أيضا، عن عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، وعمرو بن الحارث المصري، كلاهما عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه عبد الله بن عمر .

                                                [ ص: 264 ] وأخرج مسلم: حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى -واللفظ لحرملة- قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب، قال: حدثني سالم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر قال: "وجد عمر بن الخطاب حلة من إستبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى بها رسول الله -عليه السلام-، فقال: يا رسول الله، ابتع هذه فتجمل بها للعيد والوفد، فقال رسول الله -عليه السلام-: إنما هذه لباس من لا خلاق له. . . ." الحديث.

                                                الرابع: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن الحجاج المنقري المقعد شيخ البخاري ، عن عبد الوارث بن سعيد ، عن يحيى بن سعيد الحضرمي البصري روى له الجماعة، عن سالم ... . إلى آخره.

                                                وأخرجه مسلم: حدثني محمد بن مثنى، قال: نا عبد الصمد، قال: سمعت أبي يحدث، قال: حدثني يحيى بن أبي إسحاق، قال: "قال لي سالم بن عبد الله في الإستبرق، قال: قلت: ما غلظ من الديباج وخشن منه. . . ." إلى آخره نحوه، إلى قوله: "لتصيب بها مالا".

                                                الخامس: عن محمد بن خزيمة ، عن الحجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن عبد الله بن عمر .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": من طريق قتادة حدثني بكر بن عبد الله وبشر بن المحتفز، كلاهما عن عبد الله بن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الحرير: "إنما يلبسه من لا خلاق له".

                                                قوله: "بعطارد، هو عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدي التيمي، وفد على النبي -عليه السلام- في طائفة من وجوه تميم منهم الأقرع بن حابس والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم وغيرهم، فأسلموا وذلك سنة تسع، وقيل: عشر، والأول [ ص: 265 ] أصح، وكان سيد قومه وهو الذي أهدى للنبي -عليه السلام- ثوب ديباج كان كساه إياه كسرى، فعجبت منه الصحابة، فقال النبي -عليه السلام-: "لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا"، ولما ادعت سجاح التميمية النبوة كان عطارد ممن تبعها، ثم أسلم وحسن إسلامه".

                                                قوله: "أو بلبيد" هو لبيد بن عطارد التميمي أحد الوفد الذين قدموا على رسول الله -عليه السلام- من بني تميم، وهو أحد وجوههم، أسلم سنة تسع.

                                                و"الوفود" جمع وفد، وهو جمع وافد، من وفد يفد، وهم القوم يجتمعون ويردون البلاد، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك.

                                                قوله: "من لا خلاق له" أي من لا نصيب له.

                                                قوله: "ما الإستبرق" كلمة "ما" هاهنا استفهامية، وقد فسر بقوله: "ما غلظ من الديباج وخشن منه" وهي لفظة أعجمية معربة أصلها استبره، وقد ذكرها الجوهري: في الباء من القاف، على أن الهمزة والسين والتاء زوائد، وأعاد ذكرها في السين من الراء.

                                                وذكرها الأزهري في خماسي القاف على أن همزتها وحدها زائدة، وقال: أصلها بالفارسية استقرة، وقال أيضا: إنها وأمثالها من الألفاظ حروف عربية وقع فيها وفاق بين العجمية والعربية، وقال: هذا عندي هو الصواب.

                                                و"الديباج": هو الثياب المتخذة من الإبريسم، فارسي معرب وقد فتح داله، وقد مر بيانه عن قريب.

                                                قوله: "وحسن منه" بالحاء والسين المهملتين من الحسن وهو ضد القبح .

                                                و"الحلة" واحدة الحلل، وهي برود اليمن، ولا تسمى حلة، إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد.




                                                الخدمات العلمية