الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6793 6794 6795 6796 ص: ثم قد فعل ذلك أصحابه من بعده:

                                                حدثنا علي بن معبد ، قال: ثنا إبراهيم بن محمد القرشي ، عن عمرو بن يحيى ، عن جده، قال: "قدم عمرو بن سعيد ، مع أخيه على النبي -عليه السلام- فنظر إلى حلقة في يده، فقال: ما هذه الحلقة في يدك؟ قال: هذه حلقة يا رسول الله، قال: فما نقشها؟ [ ص: 367 ] قال: محمد رسول الله، قال: أرنيه، فتختمه رسول الله -عليه السلام-، فمات وهو في يده، ثم أخذه أبو بكر بعد ذلك فكان في يده، ثم أخذه عمر، ، فكان في يده، ثم أخذه عثمان ، فكان في يده عامة خلافته حتى سقط منه في بئر أريس".

                                                فهذا رسول الله -عليه السلام- لم ينكر على خالد بن سعيد لبس ما هو منقوش بالعربية.

                                                حدثنا علي بن معبد ، قال: ثنا علي بن الجعد ، قال: أنا الربيع بن صبيح ، عن حيان الصائغ ، قال: " كان نقش خاتم أبي بكر الصديق : - رضي الله عنه -: نعم القادر الله".

                                                حدثنا علي ، قال: ثنا خالد بن عمرو ، قال: ثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، قال: "كان نقش خاتم علي - رضي الله عنه -: الله الملك".

                                                حدثنا علي، قال: ثنا عبد الوهاب ، قال: أنا شعبة ، عن قتادة ، قال: " كان نقش خاتم أبي عبيدة بن الجراح: ، الحمد لله". .

                                                فهؤلاء أصحاب رسول الله -عليه السلام- وخلفاؤه الراشدون المهديون، ، قد نقشوا على خواتيمهم العربية، . فدل ما فعلوا من ذلك على أنه غير محظور عليهم، وأنه إنما أريد بالنهي أن لا ينقش على خاتم الإمام؛ لئلا يفتعل فيما بيده من الأموال التي للمسلمين.

                                                ألا ترى أن عمر - رضي الله عنه -، قد روينا عنه النهي عن ذلك؟ ثم قد لبس هو من بعد رسول الله -عليه السلام- ما هو منقوش بالعربية، فدل ذلك على [أن] ما كره من العربية هو العربية الموضوعة على خاتم إمام المسلمين خاصة، لا غير ذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ثم قد فعل أصحاب النبي -عليه السلام- من بعده نقش الخواتيم بالعربية فصار ذلك إجماعا منهم عليه، وأيضا فالنبي -عليه السلام- لم ينكر على خالد بن سعيد بن العاص الأموي - رضي الله عنه - لبس ما هو منقوش بالعربية، فدل ذلك على جوازه.

                                                [ ص: 368 ] وأخرج ذلك بإسناد رجاله ثقات وهو مرسل، عن علي بن معبد بن نوح ، عن إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان المطلبي الشافعي، ابن عم الشافعي، وشيخ مسلم في غير الصحيح.

                                                عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي ، عن جده سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي، قال: قدم عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية ابن عبد شمس الأموي، قدم هو وأخوه خالد بن سعيد على رسول الله -عليه السلام-، وكان إسلام عمرو بعد إسلام أخيه خالد بيسير.

                                                قوله: "إلى حلقة" بفتح الحاء وسكون اللام، وهي الخاتم بلا فص، ويجمع على حلق -بفتح الحاء واللام- وأما الحلق -بكسر الحاء وفتح اللام- فهو جمع الحلقة أيضا مثل القصعة والقصع، ولكن معناها: الجماعة من الناس مستديرون كحلقة الباب وغيره.

                                                قوله: "في بئر أريس" بفتح الهمزة، وكسر الراء المخففة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وفي آخره سين مهملة، وهي بئر معروفة قريبة من مسجد قباء عند المدينة.

                                                ويستفاد منه أحكام:

                                                جواز النقش بالعربية على الخاتم، وجوازه بذكر الله أو بشيء من القرآن، واتخاذ الخاتم من الفضة، واستعمال آثار الصالحين، وأنه -عليه السلام- لم يورث هذا الخاتم، فلم ترثه ورثته، وأن خواتيم الخلفاء يتعين حفظها، وأن للقاضي والحاكم استعمال الخاتم واتخاذه من الفضة، وأن خاتم النبي -عليه السلام- كان من فضة، وفصه منه.

                                                وأما ما نقل عن الصحابة من اتخاذهم الخواتيم المنقوشة بالعربية، فأخرجه عن جماعة من الصحابة، وهم أبو بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، وأبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنهم -.

                                                أما عن أبي بكر: فأخرجه عن علي بن معبد بن نوح ، عن علي بن الجعد الجوهري شيخ البخاري ، عن الربيع بن صبيح السعدي فيه مقال، عن حيان -بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف، وفي آخره نون.

                                                [ ص: 369 ] وأما عن علي - رضي الله عنه -: فأخرجه عن علي بن معبد أيضا، عن خالد بن عمرو القرشي الكوفي ، عن إسرائيل بن يونس ، عن جابر بن يزيد الجعفي، فيه مقال، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالباقر .

                                                وأما عن أبي عبيدة: فأخرجه عن علي بن معبد أيضا، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، عن شعبة ، عن قتادة .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عبد بن حميد ، عن منصور ، عن إبراهيم قال: "كان في خاتم أبي عبيدة بن الجراح . " الحديث.

                                                وحدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر ، عن أبيه، قال: "كان في خاتم حسن وحسين ذكر الله، قال جعفر: وكان في خاتم أبي: العزة لله جميعا".

                                                حدثنا جرير ، عن إبراهيم بن المبشر ، عن أبيه، قال: "كان نقش خاتم مسروق: بسم الله الرحمن الرحيم".




                                                الخدمات العلمية