الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6247 6248 6249 ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا بأس بقص الأظفار والشعر في أيام العشر إن عزم على أن يضحي ولمن لم يعزم على ذلك، واحتجوا [في ذلك] بما ذكرنا في كتاب الحج ، عن عائشة -رضي الله عنها- أنهما قالت: "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله -عليه السلام- فيبعث بها ثم يقيم فينا هلالا لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم حتى يرجع الناس".

                                                [ ص: 7 ] ففي ذلك دليل على إباحة ما قد حظره الحديث الأول ومجيء حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا أحسن من مجيء حديث أم سلمة؛ لأنه جاء مجيئا متواترا وحديث أم سلمة فلم يجئ كذلك فقد طعن في إسناد حديث مالك [ ، فقيل: إنه موقوف على أم سلمة.

                                                حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال: أخبرنا مالك] ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة ولم ترفعه، قالت: "من رأى هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي".

                                                حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، قال: أنا مالك ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة مثله، ولم ترفعه فهذا هو أصل الحديث عن أم سلمة، فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم: عطاء بن يسار وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن سليمان والثوري وأبا حنيفة ومالكا والشافعي وأبا يوسف ومحمدا؛ فإنهم قالوا: لا بأس بقص الأظفار والشعر في أيام العشر مطلقا وأجمعوا على ذلك بحديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كنت أفتل قلائد. ." الحديث، وقد مر ذكره بإسناده مستقصى في كتاب الحج، فإنه يخرج على إباحة ما منعه حديث أم سلمة والأخذ به أولى من حديث أم سلمة، لأن أصل حديث أم سلمة موقوف وحديث عائشة مرفوع، فالموقوف لا يعارض المرفوع على ما عرف.

                                                وقال البيهقي: قال الشافعي: فإن قيل: ما دل على عدم الوجوب؟

                                                قيل له: روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت: "أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -عليه السلام- بيدي، ثم قلدها بيده، وبعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله شيء أحله الله له حتى نحر الهدي".

                                                قال الشافعي: البعث بالهدي أكبر من إرادة الأضحية.

                                                [ ص: 8 ] وقال الخطابي: رأى مالك والشافعي حديث أم سلمة على الندب لا الوجوب.

                                                وقال أبو عمر بن عبد البر: ومما يدل على ضعف حديث أم سلمة ووهنه: أن مالكا روى عن عمارة بن عبد الله عن سعيد بن المسيب قال: "لا بأس بالإطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة". فترك سعيد لاستعمال هذا الحديث وهو راويه، دليل على أنه غير ثابت عنده ومنسوخ وقد أجمع العلماء على أن الجماع مباح في أيام العشر لمن أراد أن يضحي فما دونه أحرى أن يكون مباحا.




                                                الخدمات العلمية