الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6742 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: قد اختلف الناس في الرجل يتحرك سنه، فيريد أن يشدها بالذهب، فقال أبو حنيفة: : ليس له ذلك، وله أن يشدها بالفضة. وقال محمد بن الحسن: لا بأس إن شدها بالذهب كذلك.

                                                حدثنا محمد بن العباس، قال: ثنا علي بن معبد، ، عن محمد بن الحسن، ، عن أبي يوسف، ، عن أبي حنيفة، . وقال أصحاب الإملاء -منهم: بشر بن الوليد-: عن أبي يوسف، ، عن أبي حنيفة: ، أنه لا بأس أن يشدها بالذهب.

                                                وقال محمد بن الحسن: : لا بأس أن يشدها بالذهب، فكان من الحجة لأبي حنيفة ، في قوله الذي رواه محمد، ، عن أبي يوسف عنه: أنه قد نهي عن الذهب والحرير، فنهي عن استعمالهما، فكان ما نهي عنه من الحرير يدخل فيه لباسه وعصب الجراح به، فكذلك ما نهي عنه من استعمال الذهب يدخل فيه شد السن به.

                                                وكان من الحجة لمحمد فيما ذهب إليه من ذلك على أبي حنيفة في روايته عن أبي يوسف عنه: أن ما ذكر من تعصيب الجراح بالحرير إن كان مما فعل لأنه علاج للجراح فلا بأس به؛ لأن ذلك دواء، كما أباح رسول الله -عليه السلام- للزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، - رضي الله عنهما - لبس الحرير من الحكة التي كانت بهما، فكذلك عصائب الحرير إن كانت علاجا للجرح لتقل مدته، كما الثوب الحرير علاج للحكة؛ فلا بأس بها، وإن لم تكن علاجا للجرح [وكانت] هي وسائر العصائب في ذلك سواء؛ فهي مكروهة.

                                                [ ص: 332 ] فكذلك ما ذكرنا من الذهب، إن كان يراد منه لأنه لا ينتن كما تنتن الفضة فلا بأس به.

                                                التالي السابق


                                                ش: اختلف الناس في شد السن المتحركة بالذهب؛ فقال جمهور العلماء -منهم: إبراهيم النخعي ، وحماد بن أبي سليمان ، ونافع بن جبير ، والحسن البصري ، وثابت البناني ، وموسى بن طلحة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو يوسف ، ومحمد: يجوز ذلك.

                                                قال الترمذي: وقد روي عن غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي حديث عرفجة بن أسعد حجة لهم.

                                                وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك، وهو رواية عن أبي يوسف .

                                                وقال صاحب "البدائع": وأما شد السن المتحركة بالذهب فقد ذكر الكرخي أنه يجوز، ولم يذكر فيه خلافا، وذكر في "الجامع الصغير" أنه يكره عند أبي حنيفة، وعند محمد لا يكره، ولو شدها بالفضة لا يكره بالإجماع.

                                                وكذا لو جدع أنفه فاتخذ أنفا من ذهب لا يكره بالاتفاق؛ لأن الأنف تنتن بالفضة، فلا بد من اتخاذه بالذهب، فكان فيه ضرورة، فسقط اعتبار حرمته.

                                                وقال المنذري: في حديث عرفجة: استعمال اليسير من الذهب للرجال عند الضرورة كربط الأسنان به وما جرى مجراه، مما لا يجري فيه غير مجراه.

                                                وقيل: يبتني عليه أن الطبيب إذا قال للعليل: من منافعك طبخ غذائك في آنية الذهب؛ جاز له ذلك.

                                                قوله: "عصائب الحرير" جمع عصابة وهي التي تشد بها الجراحة.

                                                قوله: "لتقل مدته" بفتح الميم، وهو الذي يسيل من الجراحة.

                                                قوله: "ينتن" من الإنتان. فافهم.




                                                الخدمات العلمية