الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6733 6734 6735 6736 6737 6738 6739 6740 6741 ص: ومما دل على صحة ما قالوا من ذلك ما قد روي عن أصحاب رسول الله -عليه السلام- في لبسهم الخز.

                                                حدثنا فهد ، قال: نا أبو نعيم، قال: ثنا إسماعيل بن المهاجر، قال: سمعت أبي يذكر عن الشعبي، قال: "رأيت على الحسين بن علي - رضي الله عنهما - جبة خز".

                                                حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، قال: " رأيت على الحسين بن علي - رضي الله عنهما - مطرف خز".

                                                حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال: ثنا عبد الله بن صالح ، قال: ثنا بكر بن مضر ، عن عمر بن الحارث ، عن بكير بن عبد الله ، أن بسر بن سعيد حدثه: " أنه رأى على سعد بن أبي وقاص جبة شامية قيامها قز، . قال بسر: : ورأيت على زيد بن ثابت خمائص معلمة". .

                                                حدثنا علي ، قال: ثنا يحيى بن معين ، قال: ثنا وهب بن جرير ، قال: ثنا عبد الله بن عمر ، عن وهب بن كيسان ، قال: " رأيت سعد بن أبي وقاص ، وأبا هريرة ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، - رضي الله عنهم - يلبسون الخز". .

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها -: " أنها كست عبد الله بن الزبير ، مطرف خز، كانت عائشة تلبسه". .

                                                [ ص: 326 ] حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا يحيى بن حسان ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار مولى بني هاشم، قال: "قدمت على مروان بن الحكم مطارف خز، فكساها ناسا من أصحاب رسول الله -عليه السلام-، فكأني أنظر إلى أبي هريرة ، وعليه منها مطرف أغبر، كأني أنظر إليه وإلى طرائف إبريسم فيه".

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا صالح بن حاتم بن وردان ، قال: ثنا يزيد بن زريع ، قال: حدثني عبد الله بن عون ، قال: " رأيت على أنس بن مالك ، جبة خز ومطرف خز وعمامة خز".

                                                حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا مهدي بن ميمون ، عن شعيب بن الحبحاب ، قال: "رأيت على أنس بن مالك جبة خز ومطرف خز، قال: وبرنس خز".

                                                حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا شعبة ، عن محمد بن زياد: "أنه رأى على أبي هريرة مطرف خز".

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ومن الذي دل على صحة ما قاله أهل المقالة الثانية: ما قد روي عن الصحابة من لبسهم الخز، والخز: ثياب تنسج من صوف وإبريسم.

                                                فإن قيل: قد نهى رسول الله -عليه السلام- عن ركوب الخز والجلوس عليه.

                                                قلت: الخز المعروف أولا ما ذكرناه، وهي مباحة قد لبسها الصحابة والتابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم، وزي المترفين، وإن أريد بالخز النوع الآخر، وهو المعروف الآن، فهو حرام؛ لأنه جميعه معمول من الإبريسم، وعليه يحمل الحديث الآخر: "قوم يستحلون الخز والحرير" .

                                                [ ص: 327 ] وأخرج في ذلك عن ثمانية أنفس من الصحابة وهم: الحسين بن علي ، وسعد بن أبي وقاص ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وعبد الله بن الزبير، وعائشة.

                                                أما عن الحسين بن علي: فأخرجه من طريقين:

                                                الأول: عن فهد بن سليمان ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري ، عن إسماعيل بن إبراهيم البجلي الكوفي فيه مقال، عن أبيه إبراهيم بن المهاجر البجلي الكوفي ، عن عامر الشعبي .

                                                الثاني: عن علي بن شيبة بن الصلت ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث العبدي الكوفي .

                                                وهذا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث قال: "رأيت الحسين بن علي وعليه كساء خز، وكان يخضب بالحناء والكتم".

                                                قوله: "مطرف" بضم الميم وفتحها وسكون الطاء وفتح الراء: الثوب الذي في طرفيه علمان، والميم زائدة.

                                                وأما عن سعد بن أبي وقاص وفي أثره أبو هريرة وجابر وزيد بن ثابت وأنس أيضا؛ فأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن علي بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن صالح شيخ البخاري ... إلى آخره.

                                                [ ص: 328 ] وبسر -بضم الباء الموحدة، وسكون السين المهملة- بن سعيد المدني العابد، روى له الجماعة.

                                                الثاني: عن علي بن شيبة ، عن يحيى بن معين الحجة، عن وهب بن جرير ، عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أخي عبيد الله بن عمر، روى له مسلم -مقرونا بغيره- والأربعة، وعن أحمد: ليس به بأس.

                                                قوله: "قز" بالقاف وتشديد الزاي، قال الجوهري: "القز" من الإبريسم معرب.

                                                قلت: القز: الحرير الني.

                                                و"الخمائص" جمع خميصة، وهي كساء أسود مربع له علمان، وإن لم يكن معلما فليس بخميصة.

                                                وأما عن عائشة وعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم -؛ فأخرجه من طريق صحيح:

                                                عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ... إلى آخره.

                                                وأخرجه مالك في "موطإه" .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عبدة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة: "أنه كان لها كساء خز، فكسته ابن الزبير" .

                                                وأما عن أبي هريرة أيضا؛ فأخرجه من طريقين:

                                                الأول: بإسناد صحيح: عن سليمان بن شعيب ، عن يحيى بن حسان ... إلى آخره. وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا أبو داود الطيالسي ، عن عمران القطان، قال: أخبرني عمار قال: "رأيت على أبي قتادة مطرف خز، ورأيت على أبي هريرة مطرف خز، ورأيت على ابن عباس ما لا أحصي".

                                                والثاني: أيضا بإسناد صحيح: عن علي بن شيبة ... . إلى آخره.

                                                [ ص: 329 ] وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرني شعبة ، عن محمد بن زياد قال: "رأيت على أبي هريرة مطرف خز قد ثناه".

                                                وأما عن أنس؛ فأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن صالح بن حاتم بن وردان البصري شيخ مسلم ، عن يزيد بن زريع ، عن عبد الله بن عون المزني .

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن إسماعيل بن علية ، عن يحيى بن أبي إسحاق، قال: "رأيت على أنس بن مالك مطرف خز، ورأيت على القاسم مطرف خز، ورأيت على عبيد الله بن عبد الله خزا".

                                                الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن حجاج بن منهال ، عن مهدي بن ميمون الأزدي المعولي البصري ، عن شعيب بن الحبحاب المعولي البصري .

                                                قوله: "وبرنس خز" البرنس كل ثوب رأسه منه ملتزق به من ذراعه، أو جبة، أو غيره.

                                                قال الجوهري: هو القلنسوة طويلة، كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام، وهو من البرس، وهو القطن، والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربي.




                                                الخدمات العلمية