الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قصر ) ( هـ ) فيه : " من كان له بالمدينة أصل فليتمسك به ، ومن لم يكن فليجعل له بها أصلا ولو قصرة " القصرة - بالفتح والتحريك - : أصل الشجرة ، وجمعها قصر ، أراد : فليتخذ له بها ولو نخلة واحدة .

                                                          والقصرة أيضا : العنق وأصل الرقبة .

                                                          ومنه حديث سلمان : " قال لأبي سفيان وقد مر به : لقد كان في قصرة هذا مواضع لسيوف المسلمين " وذلك قبل أن يسلم ، فإنهم كانوا حراصا على قتله ، وقيل : كان بعد إسلامه .

                                                          ومنه حديث أبي ريحانة : " إني لأجد في بعض ما أنزل من الكتب : الأقبل القصير القصرة ، صاحب العراقين ، مبدل السنة ، يلعنه أهل السماء وأهل الأرض ، ويل له ثم ويل له "

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن عباس في قوله [ تعالى ] : إنها ترمي بشرر كالقصر هو [ ص: 69 ] بالتحريك قال : " كنا نرفع الخشب للشتاء ثلاث أذرع أو أقل ونسميه القصر " يريد قصر النخل ، وهو ما غلظ من أسفلها ، أو أعناق الإبل ، واحدتها قصرة .

                                                          ( هـ ) وفيه : من شهد الجمعة فصلى ولم يؤذ أحدا ، بقصره إن لم تغفر له جمعته تلك ذنوبه كلها - أن تكون كفارته في الجمعة التي تليها يقال : قصرك أن تفعل كذا ؛ أي : حسبك ، وكفايتك ، وغايتك ، وكذلك قصارك ، وقصاراك . وهو من معنى القصر : الحبس ؛ لأنك إذا بلغت الغاية حبستك .

                                                          والباء زائدة دخلت على المبتدأ دخولها في قولهم : بحسبك قول السوء .

                                                          و " جمعته " منصوبة على الظرف .

                                                          ومنه حديث معاذ : " فإن له ما قصر في بيته " أي : ما حبسه ( هـ ) وفي حديث إسلام ثمامة : " فأبى أن يسلم قصرا فأعتقه " يعني : حبسا عليه وإجبارا ، يقال : قصرت نفسي على الشيء : إذا حبستها عليه وألزمتها إياه .

                                                          وقيل : أراد قهرا وغلبة ، من القسر ، فأبدل السين صادا ، وهما يتبادلان في كثير من الكلام .

                                                          ومن الأول الحديث : " وليقصرنه على الحق قصرا "

                                                          وحديث أسماء الأشهلية : " إنا معشر النساء محصورات مقصورات " .

                                                          وحديث عمر : " فإذا هم ركب قد قصر بهم الليل " أي : حبسهم عن السير .

                                                          وحديث ابن عباس : " قصر الرجال على أربع من أجل أموال اليتامى " أي : حبسوا ومنعوا عن نكاح أكثر من أربع .

                                                          ( س ) وفي حديث عمر : " أنه مر برجل قد قصر الشعر في السوق فعاقبه " قصر الشعر إذا جزه ، وإنما عاقبه ؛ لأن الريح تحمله فتلقيه في الأطعمة .

                                                          وفي حديث سبيعة الأسلمية : " نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى " القصرى : تأنيث الأقصر ، تريد سورة الطلاق ، والطولى : سورة البقرة ؛ لأن عدة الوفاة في البقرة [ ص: 70 ] أربعة أشهر وعشر ، وفي سورة الطلاق وضع الحمل ، وهو قوله : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن

                                                          * ومنه الحديث : أن أعرابيا جاء فقال : علمني عملا يدخلني الجنة ، فقال : لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أي : جئت بالخطبة قصيرة وبالمسألة عريضة ، يعني : قللت الخطبة وأعظمت المسألة .

                                                          ومنه حديث السهو : أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ تروى على ما لم يسم فاعله ، وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص .

                                                          ومنه الحديث : " قلت لعمر : إقصار الصلاة اليوم " هكذا جاء في رواية ، من أقصر الصلاة ، لغة شاذة في قصر .

                                                          * ومنه قوله تعالى : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة

                                                          ( س ) وفي حديث علقمة : " كان إذا خطب في نكاح قصر دون أهله " أي : خطب إلى من هو دونه ، وأمسك عمن هو فوقه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث المزارعة : " أن أحدهم كان يشترط ثلاثة جداول والقصارة " القصارة - بالضم - : ما يبقى من الحب في السنبل مما لا يتخلص بعدما يداس ، وأهل الشام يسمونه : القصري ، بوزن القبطي ، وقد تكرر في الحديث .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية