الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
10666 4802 - (11050) - (3\8) عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء: الذين آمنوا بالله ورسوله، ثم لم يرتابوا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، والذي يأمنه الناس على أموالهم

[ ص: 363 ]

وأنفسهم، ثم الذي إذا أسرف على طمع، تركه لله عز وجل".


"على ثلاثة أجزاء"؛ أي: على ثلاثة أقسام، لكن في التعبير بالأجزاء تنبيه على أنه ينبغي للمؤمنين أن يكونوا كنفس واحدة في التعاطف والتواد؛ إذ الأجزاء لا تقال إلا فيما يقبل التجزئة من الأعيان، كذا ذكره الطيبي.

التالي السابق


* "ثم لم يرتابوا"؛ قال الطيبي: كلمة "ثم" للتراخي في الرتبة؛ كما في قوله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا [ فصلت : 30 ] ؛ لأن الثبات على الاستقامة، وعلى عدم الارتياب أشرف وأبلغ من مجرد الإيمان والعمل الصالح، قال: وكذا في قوله: "ثم الذي إذا أشرف على طمع"؛ فإن المراد بالطمع هو انبعاث هوى النفس إلى ما تشتهيه، فتؤثره على متابعة الحق، فترك مثله منتهى غاية المجاهدة، قال تعالى: وأما من خاف مقام ربه [النازعات: 40] الآية، وقال المحقق الدهلوي: "الذين آمنوا بالله. . إلخ " اقتباس للآية، وهؤلاء نفعوا الخلائق، فهم أعلى مرتبة، "والذي يأمنه الناس": هم الذين - وإن لم ينفعوا الناس بكمال خيرهم - لم يضروهم بشرهم، ولم يخالطوهم، ولم يطمعوا فيهم، وهم أدنى رتبة من الأولين، "والذي إذا أشرف إلى طمع": هم الذين اختلطوا بالناس، وكادوا أن يطمعوا، ويحرصوا في الدنيا، ولكن حفظهم الله في ذلك، فلم يقعوا في ذلك، هذا ثم الطمع: الحرص على الشيء، وقيل: سكون النفس إلى منفعة مشكوكة الوصول، انتهى.

وفي "المجمع": رواه أحمد، وفيه دراج، وثقه ابن معين، وضعفه

آخرون.

* * *




الخدمات العلمية